Friday 04/10/2013 Issue 14981 الجمعة 28 ذو القعدة 1434 العدد
04-10-2013

الحج بين الإفراط والتفريط

مضى علىَّ أكثر من عشرين سنة وأنا أتشرف بالمشاركة في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وأختلط مع كثير من فئات المجتمع، وأناقشهم في أمور الحج وما يتعلق بكل جوانب الموضوع.

وقد لفت انتباهي صنفان من الناس في التعامل مع مسألة الحج:

الصنف الأول: ناس تتجاوز أعمارهم الخمسين، والستين، وهم مواطنون، مقيمون في المملكة، ومع ذلك لم يؤدوا فريضة الحج مطلقاً، وعندما تسألهم عن سبب ذلك تسمع العجب العجاب، فمنهم من يخبرك أنه لم يفكر في الموضوع من قبل، ومنهم يبدي أعذاراً غريبة، فمنهم من يقول: إن صحته لا تسمح له بأداء الحج، وتجده يزاول كثراً من أعماله الدنيوية بكل جدارة واقتدار، ومنهم من يتعذر بالعجز المالي، ومع ذلك تجده في الإجازات يسافر، ويرفه عن نفسه وعائلته في داخل المملكة - على الأقل - إن لم يكن في خارجها.

ولا شك أن التهاون من هذا الصنف من الناس يدل على عدم الوعي بخطورة التهاون في أداء ركن من أركان الإسلام مع القدرة والاستطاعة عليه، وأن من مات على ذلك فهو على خطر جسيم، وإثم عظيم، يقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: (لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فلينظروا كل من كان له جدة ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين).

ويكفي هذا الأثر العظيم رادعاً وزاجراً لكل متهاون عن أداء هذا الركن الجليل من أركان الإسلام.

الصنف الثاني: أناس يتفاخرون، ويتباهون بكثرة مرات حجهم، وتكرار أداء هذه الفريضة مراراً وتكراراً. وقد يسلك في سبيل ذلك سبلاً غير شرعية، كأن يتحايل على القرعة، وقد يأخذ دور حاج آخر لم يحج، إذا كان من حجاج الخارج.

أما إذا كان من حجاج الداخل فقد يسلك سبلاً مخالفة للأنظمة التي سنها ولاة الأمر لتنظيم عملية الحج، وتسهيل أمور الحجاج، فيحج من دون تصريح، وقد يسلك طرقاً وعرة كأنه من المهربين، إلى غير ذلك من المحظورات الشرعية والنظامية.

وكان بإمكانه أن ينفق المال الذي سيكرر به حجه في أوجه من الخير يرجى أن يكون أجرها أعظم من الحج المتكرر، كرعاية الأيتام، وإطعام المحتاجين من الفقراء والمساكين، وعلاج ذي الأمراض والعاهات، إلى غير ذلك من أوجه الإحسان والمعروف.

ولذلك، فإن الواجب على المسلم المتفقه في دينه، العارف بمقاصد الشريعة الإسلامية الغراء ألا يتهاون في المبادرة إلى أداء حجة الإسلام المفروض عليه أداؤها فور قدرته واستطاعته: فإنه لا يدري متى يأتيه أجله.

وبالمقابل فإنه يجب على من أدى فريضة الحج أن يفسح المجال لإخوانه المسلمين ممن لم يؤدوا فريضة الإسلام، وأن لا يضايق الآخرين، وليحتسب في ذلك الأجر والمثوبة عند الله تعالى، فخير الأمور أوسطها.. والله الموفق.

alomari1420@yahoo.com

 
مقالات أخرى للكاتب