Monday 07/10/2013 Issue 14984 الأثنين 02 ذو الحجة 1434 العدد
07-10-2013

أيها الاستغفال العالمي الأبله: هل الكيماوي هو لب المشكلة؟!

ما هذا الاستغفال الذي تمارسه هاتان الدولتان ومن لف لفهما على العرب والمسلمين وعلى الإنسانية؟! ما هذا التذاكي الغبي المفضوح الذي تديران به قضية الشعب السوري بتواطؤ لا يخفى على ذوي الألباب، بأن تحصرا الخلاف مع نظام بشار الدموي المجرم في إثبات أو نفي استخدامه «الكيماوي»، وفي سعيهما بكل البراءة والمثالية والإنسانية والحنية على الشعب السوري المسكين ألا يقدم بشار على إعادة ارتكابه جريمته النكراء مرة أخرى بإبادة الشعب السوري بالغازات السامة!

والمعنى الذي تريد الدولتان أن يصل إلى العالم من اللقاءات ورسائل الإنذار الكاذبة وعبارات التهديد المبطنة المضحكة ما يأتي:

أن وقفة العالم المتحضر الحازمة تجاه اتهام نظام بشار باستخدام الكيماوي لإبادة المدنيين من الشعب السوري تفرضها المبادئ الإنسانية والقوانين الدولية التي وقّعت عليها كل دول العالم المنضوية تحت مظلة الأمم المتحدة، وأن ما حدا بأمريكا وروسيا إلى بذل طاقتهما القصوى لكشف مخزون نظام بشار من السلاح الكيماوي وتدميره هو الدوافع الإنسانية والشعور بالمسؤولية نحو المدنيين، والحرص على تخليص العالم من ويلات ومآسي استخدام الغازات السامة، كما حدث في محيط دمشق من هلاك ألف وخمسمائة سوري، بينهم أطفال ونساء ومسنون، وجلهم مدنيون نتيجة لضربهم بغاز السارين السام الذي تؤكد الدلائل استخدام قوات بشار له في أكثر من مكان؛ ولذلك فإن مطالبته بتسليم مخزونه من السلاح الكيماوي الذي يتجاوز مقداره ألف طن من مختلف الغازات السامة، والسماح للمفتشين الدوليين بالتمكن من تفتيش مواضع خزن تلك الغازات في أكثر من خمسة وأربعين موقعاً، يُعدَّان من أولى الأوليات عند زعيمَي الدولتين القائدتين للعالم (أوباما وبوتين)!

ويستنتج العالم من الجهود التي تبذلها الدولتان الكبيرتان لحصر القضية في «الكيماوي» أن قتل الشعب السوري بكل أنواع الأسلحة الثقيلة من طائرات وصواريخ ودبابات وقنابل ورشاشات وبنادق وسكاكين وسواطير جائز شرعاً في عرف الدولتين القائدتين للعالم!

ذلك لا بأس به في عرف الدولتين المتحضرتين؛ المهم أن يتم القتل حسب قوانين الأمم المتحدة بدون كيماوي!

وأن دك المدن بالطائرات، وهدم البيوت على من فيها، وقصف طوابير المدنيين أمام المخابز، وحصار المدن، وتجويع المدنيين، وقطع الكهرباء والمياه، ومنع وصول الأغذية والطحين وحليب الأطفال والأدوية جائز شرعاً في عرف أوباما وبوتين!

المهم ألا يسجَّل موت أي مدني سوري بغاز السارين أو الخردل!

وأن تشريد ملايين السوريين في منافي العالم، القريبة منها كالأردن وتركيا، والبعيدة النائية منها، ولجوءهم يتسولون الخيام والبطاطين والوجبات الشحيحة، وتعرضهم لصقيع الثلوج وزمهرير الشتاء دون وجود وسائل تدفئة أو ما يقيهم عصف الرياح والأمطار جائز أيضاً في عرف الدولتين المتحضرتين!

المهم ألا ينفقوا بالغازات السامة!

وأن انتشار المجاعة في المدن والقرى المحاصرة التي أخرجت للعالم كله صوراً لبشر كبار وصغار بعظام وجلود يابسة، يموتون لا من الغازات السامة ولا من سيل الرصاص المنهمر الذي لا يعلم من أين يأتي فحسب؛ بل من الجوع، الجوع لما يدفع غائلة الموت؛ حتى أكلوا القطط والكلاب، وكل ذلك جائز في أخلاق الدولتين؛ المهم ألا يموتوا بالكيماوي!

أيها «الكيماوي» الملعون المكذوب عليه!

لست أنت القضية؛ أنت شماعة وستارة قبيحة، تخفي وراءها الحقيقة المؤلمة المرة التي تريد أمريكا وروسيا أن تخفيها، وهي أن الحرص على عدم استخدام الكيماوي، والأمر بتدميره، ليس خوفاً على الشعب السوري ولا إيماناً بالمبادئ الأخلاقية؛ لا، بل لسببين: الأول خوفاً على إسرائيل من أن يطير الهواء بالغازات إلى شعبها فيبيدهم، وثانياً خوفا من أن يقع في أيدي المتطرفين والجماعات الأصولية فيبيدون أيضاً إسرائيل!

لقد سُرَّ المجرم النازي بشار وعصابته الإيرانية باستغفال روسيا وأمريكا العالم كله؛ فوافق على تسليم الكيماوي معتقداً أن الروس والأمريكان منحاه طوق النجاة، ولكن هيهات!

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

 
مقالات أخرى للكاتب