Tuesday 08/10/2013 Issue 14985 الثلاثاء 03 ذو الحجة 1434 العدد
08-10-2013

وقفات في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحج «1»

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وبعد فإنّ اجتماع مئات الآلاف من الرجال والنساء حتَّى يفوق عددهم الثلاثة الملايين مع اختلاف مشاربهم وطباعهم وأخلاقهم وثقافتهم وعلومهم ومعارفهم وأفكارهم ومناهجهم مولّد لعدد ليس بالقليل من الأخطاء والمعاصي، وقد أحببت أن أقف عدَّة وقفات للمحتسب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في موسم من أكبر المواسم للمسلمين وهو موسم الحجِّ، مع أن هذه الوقفات ينبغي لكل من سلك نفسه في هذا الطريق العظيم أن يعرف تلك الوقفات:

الوقفة الأولى: وجوب النصح للمسلمين، ففي صحيح مسلم أن رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (الدين النصيحة) وذكر فيه النصيحة لعامة المسلمين، وجاء عن بعض الصحابة رضي الله عنهم المبايعة على النصح للمسلم، ففي الصحيحين عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بايعت النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

قال الخطابي -رحمه الله-: النصيحة كلمة يعبّر بها عن إرادة الخير للمنصوح له.

فالنصيحة للمسلمين من الدين، بل من مهماته العظيمة، لذا كان رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم أنصح الخلق للخلق، ثمَّ بعده الصحابة الكرام ومن تبعهم على هذا الطريق المستقيم.

والنصيحة خير كلّّها، وهي سهلة يسيرة لمن -وفَّقه الله-، ذكر ابن رجب -رحمه الله- أن: (النصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم، وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، وستر عوراتهم، وسدّ خلاتهم، ونصرتهم على أعدائهم، والذّب عنهم، ومجانبة الغش والحسد لهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه، وما شابه ذلك. ومن أنواع نصحهم بدفع الأذى والمكروه عنهم: إيُثار فقيرهم، وتعليم جاهلهم، ورد من زاغ منهم عن الحقِّ في قول أو عمل بالتلطف في ردهم إلى الحقِّ، والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محبة لإزالة فسادهم ولو بحصول ضرر له في دنياه).

هذه هي النصيحة وأجرها وثوابها عند الله، قال الحسن البصري -رحمه الله-: قال بعض أصحاب النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: الذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ويحببون عباد الله إلى الله، ويسعون في الأرض بالنصيحة.

قال ابن علية في قول أبي بكر المزني -رحمهما الله-: ما فاق أبو بكر رضي الله عنه أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء كان في قلبه، قال: الذي كان في قلبه الحب لله عزَّ وجلَّ، والنصيحة في خلقه.

وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة.

هذه هي الوقفة الأولى، أسأل الله أن يجعلنا جميعًا ممن ينصح للأمَّة الإسلاميَّة حق النصح إنه ولي ذلك والقادر عليه.

- عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء.

 
مقالات أخرى للكاتب