Thursday 10/10/2013 Issue 14987 الخميس 05 ذو الحجة 1434 العدد
10-10-2013

ما الذي تعنيه لنا أزمة الديون الأمريكيه؟

أشرت في مقال الخميس الماضي «المستقبل المجهول» إلى أن التغير السريع في الأحداث العالمية وخاصة الاقتصادية منها أفضى إلى تدنٍ في وضوح المستقبل خصوصاً في البعد الاقتصادي وازدياد في الشكوك حياله، الأمر الذي يرفع مستوى المخاطر ويقلل من فاعلية التخطيط متوسط وطويل المدى، وأن التطورات والدلائل والمؤشرات الإقليمية والعالمية لا تترك مساحة كبيرة للمتفائلين بالاستقرار الاقتصادي، خصوصاً أن الأزمات الاقتصادية في هذه الفترة اتسمت بأنها تحدث في زمن قياسي وبدون سابق إنذار.

والآن وقد أصبحت الأزمة الاقتصادية الأمريكية وأزمة الديون البالغة 14,3 تريليون دولار وأزمة إقرار الميزانية الفدرالية، والمطالبة برفع سقف الديون إلى 16,2 تريليون دولار واقعاً اقتصادياً، فقد أضحت مخاطرها على الاقتصاد العالمي أكثر وضوحاً.

وللتذكير فإن الدين العام الأمريكي هو مجموع الدين العام المقرر على الحكومة الاتحادية وهو جملة سندات الضمان المملوكة لأطراف خارج الولايات المتحدة إلى جانب سندات الضمان التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية والمملوكة لأطراف داخل الولايات المتحدة. ولا يشمل هذا الدين سندات الضمان التي تصدرها الحكومات المحلية وحكومات الولايات.

وقد فاق الدين العام للولايات المتحدة الأمريكية 98% من الناتج المحلي الإجمالي -وهو مؤشر اقتصادي غير محمود- ويبلغ نصيب الجهات الخارجية من هذا الدين 9.7 ترليون دولار أمريكي أما الباقي ومقداره 4.6 ترليون دولار فهو لأطراف داخل الولايات المتحدة كحكومات الولايات أو الحكومة الاتحادية. وهذا يعني أن كل مواطن أمريكي مدين بما مقداره 46 ألف دولار أمريكي.

وإذا ما استمرت الأزمة فسوف تكون انعكاساتها على الاقتصادات العالمية والعربية على وجه الخصوص أكثر حدة. تشير الإحصاءات إلى أن الاستثمارات العربية في سندات الخزانة الأمريكية بلغت نحو 400 مليار دولار أمريكي.

والأمر الذي يثير قلق الاقتصاديين أن أزمة الدين قد تتسبب في تراجع ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي وانخفاض في قيمة الدولار أي أن الأزمة أشبه ما تكون بكرة الثلج، الأمر الذي سيكون له أثر ليس فقط على الاقتصاد الأمريكي فحسب ولكن على الاقتصاد العالمي بوجه عام وعلى اقتصاد دول الخليج على وجه الخصوص على اعتبار أن عوائد النفط ستنخفض بسبب ارتباطها بالدولار فضلاً عن ارتباط عملات غالبية دول المنطقة بالدولار.

وإزاء هذا التطور الاقتصادي فإنه يبدو أنه ليس لدى دول المنطقه الشيء الكثير لتعمله تجاه الأحداث الحالية، ولكن الأهم هو أن نستفيد من الأحداث المتسارعة والدروس المتوالية وتوظيفها لصياغة مستقبلنا الاقتصادي. أي أن أمامنا بديلين: أما الأخذ بنظرية الصبر والانتظار (wait and see) وتحمل تبعات النتائج، بصرف النظر عما تنتهي إليه. أو أخذ العدة والاستفادة من الدروس والأحداث والتهيؤ لمتغيرات العصر وأحداثه ومستجداته. وذلك بالتوقف مع النفس وإعادة النظر في إدارة مواردنا الاقتصادية والحد من الاستهلاك الترفي بقدر الإمكان وصياغة الهيكل الاقتصادي وبرامج التنمية لدينا بمنهج يمكننا من الاستجابة لتقلبات العصر ومتغيراته ويجعلنا أكثر اطمئنانا على مستقبل الأجيال القادمة. والله من وراء القصد؟

@falsultan11

 
مقالات أخرى للكاتب