Saturday 12/10/2013 Issue 14989 السبت 07 ذو الحجة 1434 العدد

أبيض غامق

أحذية التاريخ
نورة المطلق

أحذية التاريخ

لا أعتقد أن ثمة أحداً دخل بوابة التاريخ وانتبه أحد آخر أن قدميه حافيتين. أو أنه ينتعل حذاء أو لا ينتعل أصلاً!

حسن، دخلت التاريخ من ذات البوابة أحذية بلا أقدام، فمنذ حذاء (سندريلا) الأسطورة المصرية التي لم نعرفها إلاّ من خلال أفلام (Walt Disney)، والأحذية تأخذ دورها في التتالي والدخول إلى بوابة التاريخ والسجاد الأحمر.

حذاء ساندريلا الكريستالي الذي ألبستها إياه الساحرة الطيبة (وبالمناسبة هذه هي الساحرة الوحيدة الطيبة في التاريخ أيضاً) الساحرة التي أعدتها للحفل الملكي بعد أن سحرت الكائنات التي كانت تسكن مع سندريلا في غرفتها لمساعدتها على هيئة حصان وعربة و و.... إلى أن انتهى وقت السحر وهربت سندريلا ليسقط الحذاء على درج الحكاية ويلتقطه الأمير، ويرسل الملك في البحث عنه وعنها.... وإلى نهاية الحكاية الجميلة والبطولة للحذاء، على الرغم مما ترمز إليه القصة فلا نتذكر إلا الحذاء الكريستالي!

ثم يأتي دور حذاء الطنبوري البغدادي البخيل، على الرغم مما اشتهرت به بغداد من كرم وبخل.. حذاؤه الذي كلما أبلاه كَرّ الحياة أعاد إصلاحه، حتى عاب الناس عليه فعله، واتخذوه هُزأة وسخرية، وعيروه ببخله لأنه كان تاجراً ولديه ما يكفي لشراء حذاء جديد عوض هذا الذي يُبْلي سمعته كلما بلى. حتى آلمته نفسه وضاقت به الحيل بما فَرّجت، حتى اهتدى إلى فكرة أن يذهب إلى حاكم البلاد ويتبرأ من حذائه لينهي كل هذا الشقاء. ولا يقل (حذاء حُنين) ألماً عن صاحبه الطنبوري أيضاً، وقد سميته حذاء على الرغم من أننا نعرفه جميعاً باسم: (خفي حُنين) لأنه يندرج تحت هذا التصنيف. والقصة معروفة في كتب تراثنا العربي ومتداولة إلى هذه اللحظة. فقد كان لحنين هذا حذاء أنيق أراد بيعه بسعر مرتفع حين أراد أعرابي هذا الحذاء بشدة وألحّ في المفاوضة، إلا أن حنين أبى. فتركه الأعرابي ومضى براحلته. فما كان من حنين إلا أن تبعه؛ لامتعاضه منه فاختبأ له ورمى بفردة الحذاء في الطريق الذي سيسلكه الأعرابي. فوجدها وفرح بها لكونها تشبه الحذاء الذي لم يستطع أن يشتريه، فتركها وذهب فهي فردة واحدة لن تحقق فائدتها. فرمى له حنين الأخرى على مسافة من أختها فوجدها الأعرابي وأسف لتركه الأولى، فربط الراحلة وعاد ليبحث عن التي وجدها أولاً فأخذ حنين الراحلة وهرب. فلما رجع الاعرابي إلى قومه وسألوه عن سفره قال لهم: «عدت بخفي حنين»!

لا نزال في سياق الأحذية التي ترمى أيضاً، فينسبُ لغاندي أنه استقل قطاراً، فسقطت فردة حذائه، فألحقها الأخرى. وحين سألوه عن تصرفه قال: « لعلّ فقيراً أو محتاجاً يجدهما معاً «،

ومؤخراً وفي العام 2008 قذف الصحفي العراقي منتظر الزيدي بفردتي حذائه أو(الكُنْدَرة) كما يقولوها العراقيون بلهجتهم المميزة. قذف بها إلى وجه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش خلال مؤتمر صحفي في بغداد. إلا أن الحذاء لم يصبه؛ لخبرته ربما وتصرفه كلاعب (Golf) في حالات كهذه، لتصل إلى الجدار بدلاً من وجهه!! فدخلت هذه (الكُنْدَرة) التاريخ ذاته بعد أن صنع العراقيون لها تمثالاً هناك.

هذا وما زال باب التاريخ موارباً لأحذية جديدة قد تعبر دون أقدام أصحابها يوماً!