Wednesday 16/10/2013 Issue 14993 الاربعاء 11 ذو الحجة 1434 العدد
16-10-2013

المشهد الأول..!

(طـاولة مستديرة .. كاتب .. ورجل فقير .. وامرأة .. وأقنعة خُلعت)

قال الكاتب ذو القلم البرّاق ..باهظ الثمن.. رخيص القيم.. ويصلح أن يكون عصا لطبلة:

بين سقف الحرية والانحناء علاقة عميقة.. يدركها ويعشقها الطغاة الأذكياء.. كلما انخفض السقف انحنت الهامة حدّ الركوع والخنوع خوفاً من السّحق والتلاشي.. وربما يرفعونه بين حين وحين قبل الاختناق.. وبرغم إيمانه قبل أن تتاح له صفحات الجرائد بأن نضج الصحافة يبدأ من نبض الحرية.. ووعده بأن يكتب الحقيقة كاملة وإن كلّفته حياته.. إلاّ أنّ الحديث من مدرجات المشاهدين.. ليس كالحديث من قلب المسرح وجهاً لوجه مع الجمهور.. وبين فكّي مقص الرّقابة.. والعسس.

وأكمل الفقير:

لتخلق مجتمعاً مطيعاً لا يزعجه ولا يقلقه الجوع.. علّمه كيف يكون الفقر فضيلة.. وكيف يكون الانشغال بجمع المال خطيئة ونقيصة.. واجعل الإعلام يكوّن صورة نمطية في أذهان البشر عن الفقير الشريف والغني اللص المخادع.. واترك للخطيب مهمة إقناع الجياع بجدوى الألم والصبر.

فبعد أن صبر وعاشر الفقر في عزّ الاحتياج وتأجّج رغباته.. وعند بكاء طفله.. وحسرة ابنه العاطل.. وتذمُّر زوجته من ضيق الحال.. واجه الهراء المسمّى زهداً وقناعة.. وعرف أنّ لغة “الشحاتين” الذليلة لا تستوعب صراخ الحاجة.

وأعلنتها المرأة بعد أن فقدت هويتها بين تقديس الرجل وتقديمه عليها.. ورضاها بأن تكون مواطنة من الدرجة الثانية مربوطة بجرّة قلم من وليِّ أمر قد تكون هي من تعوله وتمنحه مصروف يومه:

مع الطفل كما تعطي تأخذ.. ومع الرجل تضيع المتعة والحقوق إن كانت العلاقة قائمة على مبدأ سيد وأمة.. مع الأب تُنحر الأبوة إن كان الخوف جداراً فاصلاً.. ومع المجتمع تداس الكرامة إن كان الضّعف قناعاً يستر تمرداً معتقلاً.. ومع الأنوثة تذبل وتجف إن مارستها لغير ذاتها.. ومتعتها تتوقف إن كانت ذريعة لإسعاد غيرها وامتلاكه..

انتهت الجلسة.. لبس كل واحد قناعه.. وعاد إلى منفاه الذي تعوّده.. ولن يغادره.

amal.f33@hotmail.com

 
مقالات أخرى للكاتب