Wednesday 16/10/2013 Issue 14993 الاربعاء 11 ذو الحجة 1434 العدد
16-10-2013

رغم الرقابة الأسعار ترتفع

تبذل وزارة التجارة جهودًا كبيرة لضبط الأسعار ولجم ارتفاعها الذي يأتي تحديدًا مع مناسبات مُعيَّنة أو كما تسمى مواسم كالأعياد أو بداية العام الدراسي وشهر رمضان وغيرها. وبالرغم من ذلك نجد أن الأسعار ترتفع فجأة دون مبرر منطقي بخلاف أعمال الغش ببعض السلع

والمبرر الوحيد بنظر من يرفعون الأسعار هو استغلال المناسبة لكثرة الطلب المتوقع ولا يسمى ذلك في تعريف مشكلة الغلاء المفاجئ إلا باسم واحد هو الاستغلال الذي يعبِّر عن جشع من بعض الباعة أو ما يسمون مجازًا تجارًا، فمن المعروف أن الشيء الوحيد الذي يحدث عادة بالمناسبات هو الاستفادة منها لبيع أكبر كمية من المخزون، بل إنها تكون مناسبة لتخفيض الأسعار لجذب المستهلكين وتخفيض المخزون من البضاعة الموجودة لديهم إلا أن ما يحدث هو ليس فقط تخفيضًا بكميات البضاعة لديهم بل برفع أسعارها لتعظيم الفائدة، مستفيدين من قوة الاستهلاك الموجودة بالسوق المحلي كاحد أكبر الأسواق بالمنطقة.

ولا يكاد نوع من السلع أو الخدمات إلا ويشهد رفعًا حادًا بالأسعار فماذا تغيّر بخلاف زيادة الطلب وهو أمر طبيعي مع المناسبات آنفة الذكر لكن هل تغيَّرت العوامل الأساسيَّة بالسوق، التي تُعدُّ المؤثِّر الجوهري بالأسعار، فالبضاعة غالبيتها مستوردة أو مصنعة قبل فترة من الموسم ولم تتبدَّل تكاليف الإنتاج بشكل لافت، سواء محليًّا أو خارجيًّا والدعم الموجود لم تتغيَّر ظروفه من أسعار طاقة أو وقود أو رسوم جمركية وبذات الوقت النمو السنوي بالاستهلاك خصوصًا لغالبية السلع والخدمات شبه ثابت ولا يشكل ضغطًا على الطلب.

كما أن السلع نوعيتها معروفة ولا تُعدُّ نادرة أو محدودة الإنتاج محليًّا وخارجيًّا كالملابس أو المواد الغذائيَّة وغيرها والأسواق كثيرة والرقابة فاعلة والأنظمة التي تعاقب حالات الجشع أو الغش باتت أقوى من السابق إلا أن كل ذلك لم يصل بالسوق لمرحلة الضبط المأمولة والمتضرر المستهلك الفرد والاقتصاد عمومًا.

ولعلَّ أبرز مشكلة يحتاج السوق حلها لكي يستقر ولا يعاكس القاعدة الثابتة بأكثر الأسواق العالميَّة الناضجة هو التوازن بين نوعية منافذ البيع، فأغلب المحلات لدينا هي صغيرة وهناك حالات تستر كبيرة موجودة فيها ويتضح ذلك من عاملين: عدد الوافدين الضخم العاملين بمجال التجزئة على اختلاف أنواع سلعها وحجم التستر، الذي يقدر بأكثر من 230 مليار ريال وفق دراسات واحصاءات صادرة من أطراف عدَّة،

ويعني كل ذلك أن السوق بحاجة لرفع نسبة تأثير الشركات المتخصصة ببيع السلع للمستهلك لتكون الحصة الأكبر لها على حساب المحلات الصَّغيرة التي تسيطر على أكثر من 80 في المئة من السوق ويدل على ذلك كثرتها وبأرقام مخيفة، بينما شركات التجزئة كالهايبر والسوبر ماركت أو محلات الملابس الضخمة أو الشركات المتخصصة ببيع سلع محدّدة كاللحوم محدودة عامة وعددها قليل بكلِّ مجال مما ذكر ولذلك فإنَّ متابعة السوق والرقابة عليه تصبح شائكة وتحتاج لجهود كبيرة جدًا، فاذا توفر العامل المنافس القوي من اللاعبين بالسوق وهو المنشآت الكبرى فإنَّ أكثر من فائدة ستتحقق سواء بسهولة الرقابة أو بدور هذه المنشآت بضبط الأسعار بالسوق ويظهر ذلك بالفروق التي تجدها بين أسعار ما يباع فيها مقارنة بالمحلات الصَّغيرة وسينعكس ذلك على توظيف الشباب بمجال التجزئة بنسب أكبر وكذلك يحد من التستر لأن جزءًا من الوافدين العاملين بالتجزئة بمحلات صغيرة ويملكونها حقيقة سيغادرون السوق لعدم القدرة على المنافسة وهذا سيخفض من حجم النقد المهدر بالحوالات الخارجيَّة الآتية من التستر ويعظم الفائدة من النمو الاقتصادي الحالي بالمملكة ويخفض الضغط على الخدمات العامَّة المدعومة والبنى التحتية وينظم سوق العمل في قطاع التجزئة وملحقاته يعمل فيه أكثر من مليوني عامل غالبيتهم من الوافدين وترتفع أعمال التستر والغش فيه بشكل بارز،

إن التوجُّه نحو هيكلة سوق التجزئة بالاقتصاد المحلي بات ضرورة أكثر من أيّ وقت مضى ويحتاج إلى تغيير بطبيعة نظم الترخيص القائمة حاليًّا ورقابة محاسبية تخضع لها المحلات من قبل مكاتب معتمدة لمعرفة تفاصيل ما يجري فيها وكذلك وهو الأهم تشجيع قيام منشآت تجزئة كبرى عبر دعم متعدد لذلك سواء كان تشريعيًّا أو تمويليًّا أو تنظيميًّا حتَّى ترتفع نسبة دورها بالسوق إلى ما يفوق خمسين بالمئة أسوة بأكبر الأسواق العالميَّة أو الناضجة.

 
مقالات أخرى للكاتب