Wednesday 23/10/2013 Issue 15000 الاربعاء 18 ذو الحجة 1434 العدد

المنشآت الصغيرة والمتوسطة تحدٍّ لا يمكن تجاوزه إلا بمعرفة عميقة لمحركاته الأساسية

المهندس/ علي بن عثمان الزيد

مبادرات عديدة وجهات حكومية وخاصة تستشعر الدور المهم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني، يدفع ذلك ما تشكله هذه المؤسسات من حجم الناتج المحلي في الدول المتقدمة؛ إذ يصل في بعض هذه الدول إلى 80 %.

وكذلك الفرص الوظيفية التي تشكل قيمة مضافة مهمة، تعكس طبيعة هذه المؤسسات وقدرتها على الانتشار والوصول للتجمعات السكانية لديناميكية هياكلها وطبيعة متطلباتها.

وفي المملكة خصصت العديد من مصادر التمويل في جهات متعددة لدفع عجلة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

إضافة إلى أن بعض الجهات وفرت مساندة إدارية وتدريبية لرواد أعمال، توافرت لديهم المعرفة والرغبة في الانطلاق في مشاريع صغيرة ومتوسطة.

ولأن هناك قناعة لدى الجميع بأهمية دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، استمرت الجهود رغم إخفاقات العديد من هذه المؤسسات في الصفة الحالية، واستمر البحث عن أفضل دافع لتحقيق الدور المأمول لهذا القطاع المهم، والمكون الأساسي في الاقتصاد الوطني.

ولأن المنهج العلمي يدفعنا إلى الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في الأنظمة المستخدمة، ويتطلب ذلك دراسة البُعد التقني لهيكلية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدول المتقدمة، فمن ذلك نبيّن:-

1) القاعدة الأساسية لاقتصاديات الدول المتقدمة هي الشركات العملاقة.

2) حقيقة أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل نسبة قد تصل إلى 80 % من الناتج المحلي للدول المتقدمة.

3) تعمل 80 % من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في منظمة الشركات الكبرى.

4) توفر الشركات الكبرى الدعم التقني كذلك والسوق والدعم المالي المباشر وغير المباشر لـ SME›s.

5) تسهل الشركات الكبرى للعديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة دخول أسواق عالمية.

6) تسهم الشركات الكبرى من خلال مراكز أبحاثها وبرامجها المتطورة في تمكين المؤسسات الصغيرة من ملاحقة التقنية والاستمرار في التطوير.

7) توفر العديد من الشركات رقابة على المنتجات التي توفرها المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة لضمان الجودة.

وذلك لا يعني أنه لا توجد شركات صغيرة ومتوسطة في الدول المتقدمة خارج منظومة الشركات الكبيرة، أو أن الارتباط بين الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات العملاقة في دائرة مغلقة، فالشركات الصغيرة رغم أنها تستفيد من كل ما سبق من الشركات العملاقة إلا أن العديد منها يعمل خارج منظومة هذه الشركات، وباستقلالية تامة، ورغم أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة غير مرتبطة أصلاً بالشركات العملاقة فإن الأسواق في الدول المتقدمة ناضجة وذات كفاءة عالية في التقييم والمواصفات وبيئة التنافسية والأنظمة المختلفة التي تسهل وتدعم دخول المبادرين والشركات الصغيرة للسوق، وهذه الميزات المهمة قد لا تتوافر في الأسواق الناشئة. وهنا يتبلور المنهج الفاعل لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحاجة ارتباطها بمنظومة الشركات العملاقة في القطاع الصناعي والتجاري والزراعي وقطاع الخدمات. ما تتطلبه تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتلخص حسب الأولويات الآتية:-

1. السوق.

2. التقنية.

3. الإدارة.

4. التمويل.

5. القدرة على النمو المحلي والخارجي.

ولكي يتحقق ذلك بشكل عملي وسريع فإن مظلة الشركات العملاقة ودعمها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمر ضروري ومهم؛ ولأن معظم الشركات العملاقة في المملكة تساهم الدولة فيها بنسبة كبيرة ومؤثرة؛ ما يجعل من السهل توجيهها ودعمها وتوفر الحوافز المشجعة لها لتبني مشروع المساهمة في تأسيس قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وتوفير السوق والدعم الفني والإداري والمالي لهذه المؤسسات من خلال كيانات، وتجمعها صناعات مختلفة. فصناعة الاتصالات تقوم بالعمل مع الجهات المعنية لتأسيس صناعة مساندة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تقوم برعايتها وتوفير الدعم لها، وكذلك قطاع صناعة الكهرباء والتحلية والبتروكيماويات والبترول وغيرها..

وفي القطاع التجاري يمكن تحفيز شركات مثل العثيم وكارفور والسيفوي وغيرها لدعم سعوديين مهتمين بتأسيس ميني ماركت تحت إشرافهم، وبدعمهم بالتموين والمساندة المالية والتسويقية، ومشاركتهم في الأرباح.

أو دفع المهتمين من السعوديين لتطوير صناعات مساندة لصناعة التجزئة، كالنقل والتغليف، وغيرها، ومساعدتهم بالتنظيم والجودة والالتزام.

من هذا الطرح يتضح لنا أهمية الشركات العملاقة والكبيرة في بناء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وضمان استمرارها ونموها، وتعزيز قيمتها المضافة.

ومعظم الشركات العملاقة والكبيرة في المملكة تملك الحكومة حصة مؤثرة فيها؛ ما يسهل توجيه جزء من أرباحها ضمن برنامج تحفيزي لصالح دعم برنامج تأسيس وتطوير شركات صغيرة ومتوسطة، ويحدد عدد من المؤسسات بحجم استثماري محدد لكل من هذه الشركات الكبيرة، تعمل على تطويره سنوياً، وترعاه، وتوفر له بيئة النمو والعبور إلى الأسواق المحلية والعالمية، وذلك كفيل بأن يؤسس لمنظومة شركات صغيرة ومتوسطة ببدايات مضمونة وجودة عالية تؤمن انطلاقها المستقبلي؛ لتصبح - بإذن الله - شركات كبيرة تعيد دائرة التطوير لشركات مبتدئة وصغيرة ومتوسطة وكبيرة.

موضوعات أخرى