Saturday 26/10/2013 Issue 15003 السبت 21 ذو الحجة 1434 العدد
26-10-2013

«ردم» السعودة وتجويفات المستقبل

** وزارة العمل أعلنت توظيف 700 ألف خلال العام الماضي، وهذه طبعاً الأرقام المدخلة بياناتهم، لكن ماذا عن نسبة التسرب؟ وماذا عن حقيقة تلك الأرقام من خلال التوظيف الحقيقي؟ الأرقام تشير إلى توظيف 104 آلاف امرأة يعملن في قطاع التشييد والبناء! وهذا الرقم الكبير الذي ذكره محافظ التأمينات الاجتماعية السابق عضو مجلس الشورى سليمان الحميد في مداخلة له بالمجلس، ونقلته بعض الصحف، يؤكد أن الأرقام لا تعطيك الواقع الحقيقي دائماً، لكنها قد تمنحك شيئاً من المسكّن الذي يخفف «صداع السعودة» مؤقتاً.

** لا يمكن القضاء على السعودة الوهمية؛ لأن الهدف من كل الأنظمة التي أقرتها وزارة العمل هو التوظيف بأي شكل، حتى لو كان تحت رداء البطالة المقنعة, ولأن هذا الهدف لا يقاس إلا من خلال السجلات والأرقام، وهي ليست صعبة، وصاحب أي مؤسسة يستطيع أن يسجل أبناءه وبناته؛ ولهذا لا يجب أن نستغرب وجود موظفات سعوديات في محطات وقود وفي قطاع المقاولات والبناء؛ فالهدف هو أن نحقق سعودة بالأرقام فقط، أما الحقيقة فنحن نعي أن فرض التوظيف الحقيقي لن يأتي إلا وفقاً للعرض والطلب في سوق العمل، وما عدا ذلك فسنبقى في جلباب السعودة الوهمية لسنوات طويلة، وهذا يعود إلى عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية، تتشعب طرقها، وتختلط ملامحها. وليس أمام وزارة العمل إلا القبول بالسعودة المشوهة؛ فهي تبقى في نظرها أفضل من البطالة، على الأقل في الزمن المنظور. وفي المقابل، ليس أمام بعض منشآت القطاع الخاص إلا النفاذ من أي مخرج للوصول إلى تحقيق رغبة وزارة العمل، وتقديم أرقام سعودة مبنية على بيانات توظيف لا بيانات عمل حقيقي؛ ولهذا لا نستغرب لو وجدنا امرأة على وظيفة مقاول أو بلاط.. إلخ.

** لا أحد ينكر أن وزارة العمل حاولت كثيراً، وعملت بكل الطرق لجعل السعودة أمراً لا مفر منه، وقد تكون محقة في ذلك أمام ضعف مخرجات التعليم التي بقيت لعقود تحلق بعيداً عن متطلبات سوق العمل، حتى أصبح الحل الوحيد لسد تلك الفجوة هو ردمها بكل شيء لتحسين شيء من شدة تضاريسها، حتى لو أدى ذلك الردم إلى تجويفات قابلة للانهيار في أي لحظة.

@alonezihameed تويتر

مقالات أخرى للكاتب