Wednesday 30/10/2013 Issue 15007 الاربعاء 25 ذو الحجة 1434 العدد

لا لقيادة الرجل أو المرأة للسيارة .. ونعم للنقل العام

د. موسى أحمد بهكلي

في الآونة الأخيرة هناك محاولات مستميتة من بعض النساء لقيادة السيارة وكأنه حق أساسي، وكأن الاهتمامات قد انتهت ولم يبق إلا مثل هذا الحق، مع أنك إذا سرت في بلدان العالم ستجد أن نسبة النساء اللاتي يقدن السيارة ضئيلة جدا، كما أن عدم قيادة المرأة للسيارة لدينا لا يعتبر تميزا ضدها بل يعتبر من التنوع الموجود بين الشعوب وتخفيف من المسؤولية عليها وليس انتقاصا للحقوق فهناك أشياء تمارسها بعض الشعوب ونحن لا نكترث لها أو العكس فأحوال الناس ليست متماثلة، وليس كل ما لدى الآخرين علينا أن نطبقه متعللين بالحق فالحق قد يدعيه الظالم، ولا ريب أن هناك مستفيدين من تشجيع المرأة على قيادة السيارات اقتصاديا، إذا فكرت فيهم عرفتهم، المشكلة في من يصر على مثل هذه المطالبات ليس له مرجعية ولم يفكر بمصلحة الجميع ولم ينظر في الموضوع بنظرة شاملة وكل ما لديه أنه أعجبته الفكرة أو عاش تجربة قيادة السيارة، مع أن الكلمة أمانة وينبغي أن نتعاطى مع الموضوع بعدل، وترى من يجادل ويحاول أن يدافع عن المرأة من أجل هذا الحق المزعوم، إن الأمر مجرد رغبة والرغبة قد لا تكفي فالإنسان قد يرغب بشيء وفيه خطر عليه قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (216) سورة البقرة، إننا يجب أن نتعامل مع الأمور بحكمة وليس أن نكون عاطفيين بحيث نشجع المرأة على أي شيء تطلبه متذرعة بموضوع الحق، فالحقوق نسبية.

قيادة السيارة سواء للرجل أو المرأة لا تخلو من المشاكل، ولعلك تذكر العبارة المشهورة التي نسمعها عندما تجد شخصا اشترى سيارة فنقول له الله يعطيك خيرها ويكفيك شرها!

وهناك أضرار متعددة لم يعيروها اهتماما من يحث قيادة السيارة:

1- ضغط نفسي فقيادة الشخص أكثر من أربع ساعات في الأسبوع يشكل ضغطاً نفسياً يسمى ضغط المجتمع ويقدر بمقياس الضغوط النفسية بمقدار 25وحدة ضغط فهذا يعني أن من يقود السيارة سيعاني من 100 وحدة ضغط نفسي في الشهر.

2- عرضة للحوادث يأتي العالم العربي في المرتبة الأولى عالمياً من حيث عدد حوادث الطرق التي تسفر عن إصابات أو حالات وفاة.

ويعزو الخبراء كثرة هذه الحوادث في العالم العربي إلى غياب العدد الكافي من الطرق الواسعة والمؤهلة، فضلاً عن استخدام آليات وقطع غيار مقلّدة. وأكدت المنظمة العربية للسلامة المرورية أن 36 ألف قتيل و400 ألف مصاب هي حصيلة الحوادث في العالم العربي سنوياً، إضافة إلى خسائر مادية جسيمة.

وأشارت النشرات الإحصائية أنّ العالم العربي يفقد بمعدل مواطن واحد كل 15 دقيقة بسبب حوادث الطرق..

وطالبت المنظمة بوضع آليات عملية للحد من الحوادث التي وصفتها بأنها «حرب شوارع»، مؤكدة أن الدول الصناعية الغنية التي تصدّر إلى العالم العربي ملايين العربات نجحت في تقليص الحوادث وفي تقرير صادر عن إدارة المرور في المملكة أن 6485 شخصاً قتلوا في حوادث سير في المملكة عام 2008، أي بمعدل 17 شخصاً يوميا....

3- ازدحام مروري فالآن نحن نعاني من ازدحام شديد ويظل الإنسان يدور كثيرا حتى يحصل على موقف والبعض يتكبد مخالفات من الوقوف الخاطئ الذي يضطر إليه.

4- وسائل غير آمنة فالسيارة وسيلة للسرعة وعرضه للدهس الخطأ وعرضه للسرقة و مرتبطة مع مشاكل أخرى كالتفحيط والسباق والمغايرة والتحاسد ومناسبات الأفراح بل حتى الرجل يتعرض لمشاكل عند الدوار وعند الإشارة وعند التصادم وغيرها.

5- مرتبطة مع التزامات أخرى كالتعلم للسيارة واستخراج رخصة والقدرة على إقساطها والقدرة على صيانتها.

6- زيادة الحرية بما يؤدي إلى التصادم مع الولي والأقران فالمرأة لو تركت على هواها فإنها ستزور كل صديقاتها وهذا سيتطلب الكثير من المشاوير والكثير من استعمال للسيارة بما يزيد عن الحاجة والضرورة وسيخلق الكثير من المشاكل في البيوت.

7- ضغط على الأسرة فالابن الكبير يريد سيارة فهو الأول والأكبر ولديه مبررات والبنت أيضا زميلتها لديها سيارة وتستحي أن لا يكون لديها سيارة.

8- خلق منطقة تنازع لدى الأسرة فالسيارة ستكون محلاً للتعامل وأي تعامل يمكن أن يكون محلا للخلاف.

9- ستنشأ مطالبات لاحقة كالرغبة في العمل قريبا من السيارات كالورش وبيع قطع الغيار بما لا يتناسب مع طبيعة المرأة سيخلق تعاملات للمرأة هي في غنى عنها.

10- الانشغال عن أمور أهم وتضييع وقت يمكن أن يستفيد منه الشخص في أشياء أخرى فالسيارة تريد غسيلاً وتريد وقوداً والبعض يريد لها زينة وتلميعاً و وستظل تتردد على محلات السيارات أو وكالات السيارات من أجل قطعة تصلح بها سيارتها.

11- انتشار الفردية والانكفاء على الذات فالآن في الأسرة، الكل في عالمه الخاص ومع جواله وإذا زاد عدد مستخدمي السيارة فكل واحد سينفرد بسيارته وجواله وسنرى أناساً يدورون بسيارتهم بدون حاجة، وعلى أي خلاف بين الرجل وزوجته ستشغل سيارتها وتخرج .

إن قيادة المرأة للسيارة لن تغني عن الرجل السائق أو الرجل المساعد فعادة المرأة التي تشتري سيارة ستكون مقتدرة وستكون مشغولة وقد لا يرغب الكثير منهن في متابعة حوائج السيارة التي تأخذ وقتاً كتجديد استمارة والبحث عن قطع غيار وفحص الزيت والكشف عليها عند وجود أعطال أو إصلاح مكيف وغير ذلك.

إن التخلص من السيارات أو تقليلها مفيد للرجل والمرأة فالوضع الحالي فيه ضرر على الجميع سواء رجل أو امرأة فنسبة كبيرة من الراتب تذهب لأقساط شركات السيارات مع أنه بعد ثلاث سنوات تصبح السيارة التي هدرت أموالك في تقسيطها غير معول عليها و عرضة للكثير من الأعطال، و الشخص العادي أو المتوسط الدخل لديه إيجار بيت وأقساط سيارة وأجرة خادمة. يمكننا أن نتفادى مشاكل السيارات وينبغي للمرأة أن لا تسعى إليها كما ينبغي للرجل أن يتراجع عنها ويجعلها في الحدود الضيقة، إن السائق العام أو الذي خلفه مجموعة يكون أحرص ويستشعر المسؤولية أكثر بينما السائق الفردي يكون لوحده فلا أحد يذكّره، إن الحل يكمن في تطوير وسائل النقل العام بعناية أكثر بحيث يشمل الطرق الطويلة والشوارع الصغيرة ويتمدد ليدخل إلى كل الأحياء ويكون متيسرا للمرأة والرجل وأن خبراء النقل لقادرين على تسهيل المهمة ليتمكن الجميع من الوصول إلى مشاوريهم الفرعية بل و حتى الباب أو بضع خطوات منه والأمر ليس عسيرا فيخصص سيارات أو باصات خاصة لداخل الحي تكون مقصورة لخدمة الحي وتكون أوقاتها مرتبة ومعروفة ودورية وتخصص سيارات أخرى للمشاوير البعيدة كما أنّ المرافق الهامة كالمستشفيات يمكن أن تقدم خدمة التوصيل العادي والطارئ حسب الوجهة ويمكن التنظيم من مراعاة الجميع بحيث يتحول الغالبية إلى تنقل جماعي وليس فردي فالآن النقل الجماعي لو كان متوفرا بعدد كافٍ وشامل لما احتاج الناس إلى نقل فردي فإذا كان كل نصف ساعة تمر سيارة بجوار البيت فيستطيع من هو داخل البيت أن يذهب إلى أي مكان يريد وبأقل من عشر تكاليف انتقاله بسيارته الخاصة ويعطي كل شخص دليل إرشادي للمدينة والخطوط التي يمكن أن يسير عليها والنقاط التي يتجه إليها. وبالتالي يستفيد من وقته أثناء التنقل وذلك بالقراءة ومتابعة الأشياء التي تهمه والتواصل مع أقاربه وسيطمئن أهله عليه ويستمتع بالرحلة كما تقول العبارة دع القيادة لنا واستمتع بالرحلة.