Friday 01/11/2013 Issue 15009 الجمعة 27 ذو الحجة 1434 العدد
01-11-2013

إعادة ميلاد للبوب آرت

كنت قد تحدثت الأسبوع الماضي عن الاتجاهات الجديدة لدى ممارسي الفنون من الشباب والذين ينشرون في الغالب في مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يُسمى بالإعلام الجديد، وخصوصاً تلك المواقع التي تعتمد على الصورة كوعاء، وقبل استكمال هذا الحديث، أود عرض مختصر لمفهوم (البوب آرت) وتاريخه الموجز.. لا لشيء قدر التحقق من مقولة «التاريخ يعيد نفسه».

دارس ومتابع تاريخ الفن يعلم أن بزوغ نجم حركة البوب آرت الفنية - وهو الفن الذي يستخدم عناصر من ثقافة عامة الشعب - قد بدأ في بريطانيا وتلألأ في نهاية الخمسينيات الميلادية في أمريكا، ضمن تغيرات ثقافية واقتصادية واجتماعية أدت لها، منها وصول الفن مع التجريدية التعبيرية إلى (خط مسدود) بالنسبة للمتلقي البسيط الذي لم يفهم تلك الأعمال أو يستطيع تفسيرها، ومع انتشار ثقافة الاستهلاك في أمريكيا وانتشار الإعلانات التجارية في التلفزيون، وبروز نجوم فنية وسياسية في المجتمع مثل مارلين مونرو وآل كيندي!

لذا عمد الفنانون (ربما من باب السخرية) إلى استخدام الكولاج كمجال، والعناصر البصرية من تلك المصادر في العمل الفني، وعلى رأسهم آندي وورهل سيد هذا الاتجاه -كانت وظيفته مصمم إعلانات في مجلة - ولاقت هذه الحركة رواجاً كبيراً في فترة كان المجتمع الأمريكي، إما ثائر أو شبه مغيّب (الستينيات الميلادية) تحت تأثير الميروانا المخدرة وضمن ضغوط ومتغيرات عديدة كحرب فيتنام والحرب الباردة والحركة النسوية... إلخ.. لذا تلاشت هيمنة هذه الحركة وسرعان ما عاد المجتمع الأمريكي إلى وعيه نهاية الستينيات - بداية السبعينيات الميلادية، وصحا على مرتكز فكري في العمل الفني حين عاد لتأكيد دور العقل البشري المبدع في الفكرة بدلاً من تأثير الصورة ومصدرها، وذلك من خلال حركة المفاهيمية التي بدأت في الستينيات الميلادية.

وفي السعودية ومن خلال الجيل الذي لم يدرس الفنون أو تاريخ الفن ونقده، وإنما تربى على المجلات المصورة الأمريكية أو اليابانية، غير أفلام الرسوم المتحركة من ذات المصدر، وفي مجتمع أصبحت المظاهر فيه أهم من أي جوهر أو مضمون لتقييم الفرد، وأمنية الفتاة والشاب ترتكز على الماديات، فهم في صراع بين آلية الكسب السريعة التي تمكنهم من الإنفاق ببذخ يتناسب مع المجتمع الذي يقدّس المظاهر وسرعة الشهرة التي تجعلهم يستمتعون بهذا المظهر، ويعانون أيضاً من نسخ لثقافة الغرب والشرق، إما لأنهم لا يفخرون بثقافتهم أو لأنهم لم يجدوا فيها البديل المناسب (بصرياً).

وأخيراً لم يكن بين يدي هؤلاء سوى أدوات فنية لا تحتاج مهارة (آلة التصوير وبرامج الحاسب للرسم والتصميم) كما أتيحت له نافذة للعرض (مواقع التواصل الاجتماعي) في وسط جمهور لا يملك من الأدوات النقدية سوى كيل من المديح والتبجيل!.

وينتشر اليوم بين الشباب والفتيات مشاريع (التصميم) والفن ضمن مفهوم (البوب آرت) حيث وجدوا هذا المسمى الأجنبي (الرايق) مناسباً مع منتجهم الفني، بل خرج إلينا من يدّعي أنه (مدرب) للبوب آرت وكأن العمل الإبداعي ضمن اتجاه فني يمكن حصره ضمن (حقيبة تدريبية) لا تعليم بالتحفيز للممارسة الإبداعية الفنية!

وللحديث بقية حول الجوانب السلبية والإيجابية وفق متغيراتنا: (لماذا البوب آرت وإلى أين؟)

msenan@yahoo.com

twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية

مقالات أخرى للكاتب