Friday 01/11/2013 Issue 15009 الجمعة 27 ذو الحجة 1434 العدد

قراءة في موسوعة القيم ومكارم الأخلاق العربية الإسلامية

تعد دراسة القيم ومكارم الأخلاق أحد العناصر التي يهتم بها الناس وهي تحدد سلوكيات المجتمع وتبرز فضائله وترعى قيمه الخالدة، وقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

بهذه العبارة الخالدة بدأت موسوعة القيم ومكارم الاخلاق العربية، حيث اختارت فضائل الأعمال فجعلت لكل قيمة عنواناً خاصاً بها وكتاباً يجمع ما قيل فيها ويفسر ما جاء منها من أعراف العرب وفي شعرهم وأمثالهم وقصصهم الخالدة، كل ذلك يعرض في أسلوب سهل بعيد عن الحشو والتعقيد، وقريب من فهم عامة القراء، لا يتكلف الأسلوب، ولا يتوعر على القارئ مهما كانت ثقافته، وقد رعى هذا العمل الثقافي الضخم صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز حيث تكفل بتمويله وإنجازه لتكون الثقافة العربية بقيمها وأخلاقها متاحة لقراء وعشاق الثقافة العربية الأصيلة.

تتكون الموسوعة من اثنين وخمسين موضوعاً أو قيمة أخلاقية مثل الأمانة، والصدق، والإحسان، وغيرها و قد اعتمد في هذه الموضوعات على البناء المعرفي للقيمة ودراسة تطورها منذ الجاهلية حتى اليوم، ثم مراحل التحول والثبات التي تصيب بعض القيم وما يتعرض له المجتمع من تغيرات قيمية، إذ ليست القيم ترفاً علمياً ولكنها سلوك أخلاقي فاضل نابع من ضرورة اقتضتها الحياة في كل مجالاتها، ولذا كان التركيز على القيم الإيجابية ذات البعد الخلقي والعرف الاجتماعي المنضبط وضوابط التقاليد والعادات المرعية وقد وضع مدار الأخلاق العربية الإسلامية في محيط الإدراك الإنساني وانتخب من الثقافة ما يقرب وظيفة الأخلاق ويبين أهميتها وآثار التمسك بها وما يعود به ذلك كله على سلوك الفرد والمجتمع، وجعلت مضامين الفكر العربي دليلاً على شرف العرب وشرف قيمهم التي جاء الإسلام متمماً لها بعد أن أكرمهم الله به وهداهم إليه.

اعتمدت أجزاء الموسوعة على إبراز الجانب الثقافي التراكمي والمعرفي وربط ذلك كله بالأخلاق لاتصالهما العضوي وارتباطهما الوظيفي بالحياة العامة مع الأخذ بالتصور الذهني عند ممارسة الفضيلة الأخلاقية والقيمة الاجتماعية.

معتمدة على بيان مكانها في الإسلام، وتأييده لها، وانطباق دلالاتها مع تعاليمه السمحة دون إطالة في هذا الجانب ثم على الشعر العربي مثالاً والحكمة غاية، والعادات العربية مضموناً.

تناولت الموسوعة أثر الدين في تقويم السلوك وتهذيب الاخلاق وتكييفها وتوجيهها الوجهة السليمة ولا سيما بعد أن جاء الإسلام وأخضع تلك القيم العربية لتعاليمه السامية، فكان الإسلام مصدر القيم، ولا شك أن تمام الأخلاق وصفاءها يكون في موافقتها تعاليم الدين، بحيث تكون متفقة مع الفضيلة المنشودة ومتممة لها في المحيط الاجتماعي وداعية إليها في كل عمل يقوم به المرء في المجتمع الذي يقدر القيم ويبني الفضائل، وقد أخذت الموسوعة بهذه الناحية المهمة فبينت أثر الدين وتعاليمه، واستنطقت الكتاب والسنة بما يحملان من صدى التوجيه والإرشاد إلى الحكمة والكلمة الطيبة دون تكلف أو إطالة.

كما حاولت أن تقرب الثقافة العربية جملة وتفصيلاً إلى القراء في شكل جرعات مركزة واعية لوظيفة الثقافة وأهمية الموروث، وقد اختارت نصوصاً شعرية يسهل تمثلها والاهتداء بمعانيها إلى ما ينمي لدى القارئ حب هذه الثقافة ويقرب صلته بموروثها عامة.

كما عرفت الأخلاق والقيم ودللت على معانيها بلغة سهلة قريبة إلى المتلقي مفهومة لديه، ولم تبعد في عرضها للمعلومات عن حاجة اليوم ولغة العصر، مراعية ظروف الزمان الذي يعبره العالم ويعيش فيه الشباب، ولم تغفل الموسوعة ما ركب في جبلة الإنسان وطبعه من حب للخير، وما ركب مع هذا الطبع والجبلة من حب الذات والمحافظة على المكاسب الخاصة والأثرة، لذلك جعلت اختبارها للنصوص الأدبية والأمثال والأحاديث والأقوال يناسب حال النفس ويدفع بها إلى تجاوز الذات إلى التضحية من أجل الآخرين والتسامح معهم حتى تستقيم الحياة عامة ويعيشون في حب ووئام وسلام.

وقد كان عرضها منهجياً علمياً ابتعد عن التلقين والترديد، وعرض الأخلاق والقيم بشكل حيادي يترك للقارئ الخيار والاستقرار ثم الاستنتاج دون التدخل المباشر في الخيارات التي يضعها أمامه السياق أو محاولة تلقينه، ولعل هذا الجانب هو ما يميز هذه الموسوعة إذ اكتفت بعرض الأقوال والمضامين عرضاً يتيح للمتابع الاطلاع على كل الأقوال ويترك له خيار النظر والتفكر.

إن هذا العمل مكتبة كاملة لا يستغني عنها الطالب والعالم والأديب وهي مكتبة لكل بيت ولكل قارئ على قدر حاجته، وقد أريد لها أن تلبي حاجة كل مهتم بالثقافة وتراعي قيمة وقته فلم تشغله بالتحليلات والاستطرادات، بقدر ما انصبت المعلومة على الهدف بطريقة مباشرة، لا يملها القارئ، ولا تثقله بالتفريعات الجانبية، بل تترك له المتابعة والاستمتاع بالمقروء لفظاً ومعنى.

وقد اعتمدت الموسوعة في اعدادها على التالي:

- الموسوعة عمل استند على الموروث الإسلامي وانتقى أوثق النصوص وأقربها إلى فكر القارئ في أسلوب سهل وميسر.

- الموسوعة حصيلة جهد بحثي اشترك فيه أكثر من (150) استاذاً جامعياً وباحثاً أكاديمياً من داخل المملكة وخارجها.

- تضم اثنين وخمسين جزءاً عن إحدى وخمسين قيمة اجتماعية تفخر العرب بها وهي: (الآداب، إجابة الدعوة، اجتناب الظن، الإحسان، الأسرة، إصلاح ذات البين، إكرام النفس، الأمانة، الإيثار، البشاشة، التسامح، التعاون لتفاؤل، تفريج الكربات، التواضع، الجوار، حب الخير للناس، الحرية، حسن المعاملة، حفظ اللسان، حق الجار، الحكمة، الحلم، الحياء، الرحمة والشفقة، السر، السلام، سلامة الصدر، الشجاعة، الشفاعة، الشكر، الصبر، الصحبة، الصداقة، الصدق، الصراحة، طلب العلم، العادات العربية، العدل، العفة، الغيرة، الفصاحة، الفضيلة، الفطرة، الكرم، المروءة، المشورة، النظافة، الوسطية، الوفاء).

- اقتبست من القرآن الكريم أكثر من (1348) آية، ومن الأحاديث الشريفة أكثر من (1232) حديثاً، وزاد عدد مصادرها عن (3175) مصدرا.

- تهدف الموسوعة إلى تقديم ثقافة عربية أصيلة تربط الأجيال العربية الحاضرة والقادمة بتراثها الإسلامي وحضارتها العربية وثقافة لسانها الخالد.

- بعرضها الشيق للثقافة العربية تهدف الموسوعة إلى إغراء الناشئة بالقراءة النافعة الموجهة نحو الارتقاء بسلوكهم وتهذيب أخلاقهم وتزويدهم بحصيلة علمية متينة.

- اهتمت الموسوعة باستخراج القيم العربية الإسلامية من بطون كتب التراث وإبرازها للقارئ في اسلوب عصري يراعي النواحي النفسية والمؤثرات المحيطة، والفوارق العلمية والثقافية.

- الموسوعة ذات هدف تعليمي وتربوي تتخذ من عنصر الجذب الأسلوبي وسيلة لإكساب القارئ ثقافة هذبها الإسلام ورعاها العرب جيلاً بعد جيل.

- تهدف الموسوعة إلى تقريب المعلومة من المثقف، وتزويد القارئ بحصيلة أدبية ثقافية متينة.

- الموسوعة أول مشروع يعالج القيم ومكارم الأخلاق العربية والإسلامية في اسلوب بحثي أكاديمي موثق، وعرض ميسر يفيد القراء مهما اختلفت مستويات ثقافتهم أو تباينت اهتماماتهم، وتخصصاتهم.