Saturday 16/11/2013 Issue 15024 السبت 12 محرم 1435 العدد
16-11-2013

نهاية العواطف مع المخالفين

كمواطن كنت وما زلت متحمساً لمعالجة اوضاع المخالفين لأنظمة الاقامة والعمل دون ادخال العاطفة المطاطة المائعة التي تصل لدرجة التنازل عن الحق لصالح مجرم متربص يستخفّ حتى بكلمة (عاطفة)، فكيف يطبق مفاهيمها ومعانيها الانسانية الراقية، ودون الخوض في اسباب هذا الابتلاء بهذه الفئة المتدنية من البشر ممن ضاقت بهم بلادهم وشعوبهم ووجدت عندنا ملاذاً آمناً مربحاً، وقلوباً طيبة لحد السذاجة عند البعض، فإن الملموس ان الرأي الشعبي العام قد وصل الى قناعة بأن التعامل معهم يجب ان يكون جاداً دون ظلم لأي طرف، وهذا يعني اجتثاثهم من ديارنا التي دخلوها تسللاً وتهريباً وبتزوير الاوراق والمستندات، ثم أمعنوا بالسطو والسرقات والعدوان بأنواعه والافساد بالأرض، لأنهم فقط وجدوا بيئة خصبة مزروعة بالعطف والتسامح لكنهم قرؤه قراءة خاطئة، ولم يحسبوا حسابًا لنفاذ صبر المسئول والمواطن، الذي لن يتبعه الاّ قرارات حازمة حاسمة بمعالجة الوضع جذرياً، امن الوطن والمواطن لا تتلبسه العواطف والتأويلات، ولا يخضع لنزعات من يختارون بعض المواقف المأثورة وبعض الاحاديث للاستدلال بها على وجوب عدم التعرض لهؤلاء المجرمين وهم ينتهكون كل الحرمات وسط الشوارع وبين البيوت، ومن ذلك ما قرأته منقولاً ومنسوباً لاحد من يسمّون انفسهم بالمشايخ وفي ظني انه ليس منهم، يقول بوجوب ترك المخالفين والمتسللين يطلبون الرزق في بلاد الاسلام اذ انهم (هربوا من بلاد الكفر الى بلد الاسلام) وتجب رعايتهم وبذل كل اصناف العون والحماية لهم، وتحديد مخصصات مالية تعينهم على معيشتهم هنا، واستدل بوقائع من عصور مضت وهي لا تنطبق على واقع الحال، وهل يرى ان الهارب بدينه الى بلاد الاسلام يباح له الاجرام في ربوعها، وهل هؤلاء ممن يحملون ديناً نقياً يهربون به؟ انهم حثالة وعتاة المجرمين والسجون من المحكومين بأحكام مغلّظة، ثم افلتت قيودهم عند حدود بلادنا اتقاء شرهم والطمع بتحويلاتهم، ومن المؤسف ان بلادهم التي تعد صديقة لا تفعل شيئاً بل تغمض عينها بدعوى العجز!! ومثل هذا المتمشيخ يبدو انه يعيش في تفكير تعلوه طبقات من الصدأ والغبار وتعشش داخله صنوف من علامات الجهل بفقه الواقع مما ينفي عنه صفة العالم واهلية الفتوى، هذا اذا احسنا الظن بمقاصده، اما ان كان لمجرد مخالفة ولي الامر أو الشهرة فهذا مبحث آخر، قبل فترة وجيزة تم القبض على يمني في جدة يملك مصانع لإعداد الخمور وترويجها وتبين ان اوراقه توشك على الانتهاء لمنحه الجنسية السعودية، وحسب (سبق) فانه يوظف اثيوبيين مخالفين بمرتبات تفوق الالفي ريال للواحد.

من سمح لمثل هذا بالجنسية؟ من تعاطف معه؟ ماذا يستفيد البلد والمواطن من عقلية كهذه حتى نجنسها؟ هذه من ثمار التهاون في تقنين عواطفنا والتمادي بالحلم مع من لا يستحقه. ومثال آخر لذلك تعاطفنا مع المتسولين بحجة نستمدها من نصوص كانت تناسب ازمنة مضت كانت فيها الامور واضحة، ويمكن التمييز بين الصادق والكاذب، اما الآن فقد كثر وتنوع التدليس والتزوير مما يستدعي الحيطة والحذر حتى لا تذهب الصدقات للمفسدين، أو لمن يجمعونها عمداً لاستخدامها لأغراض طائفية مشبوهة يخطط لها بسرية واحكام، فانتبهوا.

t@alialkhuzaim

مقالات أخرى للكاتب