Thursday 28/11/2013 Issue 15036 الخميس 24 محرم 1435 العدد

عقب إثارة سمو مساعد وزير البترول والثروة المعدنية تحديات القطاع الخليجي

مختصون: صناعة البتروكيماويات السعودية بحاجة إلى بلورة إستراتيجية وطنية

الجزيرة - نواف المتعب:

أكد مختصون في قطاع الطاقة والبتروكيماويات على أن كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية أمام منتدى (جيبكا) جاءت بمثابة جرس لدول الخليج فيما يتعلق بصناعة البتروكيماويات، وقالوا إن حديثه يُمثّل خارطة طريق لهذه الصناعة، حيث أثار سموه العديد من الأمور التي يجب على القائمين على صناعة البتروكيماويات الالتفات إليها، على اعتبار أن الصناعة ستكون عند مفترق بالغ الأهمية، يتطلب استعداداً جيداً، يؤهلها لمواجهة تلك التحديات على أفضل وجه. وأكدوا أن سموه حدد التحديات وقدم مقترحات تمثّل حلولاً علمية وعملية لمواجهة تلك التحديات والتي يأتي من ضمنها المنافسة المحتدمة في قطاع البتروكيماويات العالمي، وما ستواجهه الصناعة في دول المجلس خلال العقد القادم عبر منافسة أكثر ضراوة، يقف وراءها منتجون جدد، يمتلكون مصانع أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، ووفرة في الغاز، وأكثر اعتماداً على التقنية المتقدمة، وأعلى قدرة على الابتكار.. أما التحدي الثاني فهو ارتفاع موجة الحمائية والحواجز التجارية بصورة متعاظمة في كثير من أنحاء العالم، بهدف حماية الصناعة المحلية أمام المنافسة العالمية. والتحدي الثالث يتمثَّل في صغر حجم أسواق منتجات البتروكيماويات المحلية والإقليمية.. وأكدوا أن معطيات صناعة البتروكيماويات ستفرز تنافساً حاداً في الأسواق العالمية. وقال أمين عام الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) الدكتور عبد الوهاب السعدون لـ «الجزيرة» إن الديناميكية سمة مميزة لصناعة البتروكيماويات لجهة الاستجابة لمتطلبات واحتياجات الزبائن أو توفير حلول لتحديات قائمة أو مستقبلية.. والمنتجون الذي يمتلكون القدرة على التكيف أو الاستجابة لهذه المتغيرات والتحديات والنظر إليها كفرص هم من سيكونون في مقدمة الركب.

وأضاف: ما نحتاجه في المملكة بالدرجة الأولى هو بلورة إستراتيجية وطنية لهذه الصناعة تحدد بوضوح الأهداف ومراحل ومتطلبات التنفيذ من بنية تحتية وتشريعية.. مبيناً أن المملكة نجحت باقتدار خلال العقود الأربعة الماضية في تطوير صناعة بتروكيماويات ذات تنافسية عالمية عالية ولعبت الحكومة دوراً محورياً في توفير متطلبات هذا النجاح. واليوم تدخل الصناعة مرحلة جديدة تتميز بدرجة عالية من التعقيد جراء التوسع الأفقي في قاعدة المنتجات والتي تتسم بدورها بمحتوى تقني أكثر تعقيداً، إضافة إلى ارتباط أوثق بالزبائن واحتياجاتهم ومعظم هؤلاء في أسواق بعيدة عن المملكة.. يُضاف إلى ذلك جملة من التحديات الخارجية وفي مقدمتها بروز مراكز إنتاج عالمية، وتحديداً في الولايات المتحدة التي تمتلك تنافسية عالية نتيجة لوفرة الغاز الصخري وسوائله بأسعار متدنية، ما سيسهم في تحولها من مستورد إلى مصدر للبتروكيماويات.

تطوير البنية التحتية للابتكار في شركات القطاع

وأضاف السعدون: التوقعات تشير إلى أن وفرة إمدادات الغاز الصخري في الولايات المتحدة ستترجم إلى إضافة 16مليون طن من البتروكيماويات بحلول 2015 ونحو 89 بحلول 2015 إلى إجمالي الطاقات الإنتاجية.. وهذه المعطيات ستفرز تنافساً حاداً في الأسواق العالمية ما قد يساهم في زيادة مطردة في الإجراءات الحمائية في تلك الأسواق.. هذه المعطيات تجعل تعزيز التنافسية شريان حياة لمنتجي البتروكيماويات في المملكة من خلال تطوير البنية التحتية للابتكار في الشركات السعودية.. والابتكار هنا لا يقتصر على الاستثمار في البحث والتطوير، بل يمتد ليشمل تطوير عمليات التشغيل والتسويق والنظم الإدارية والمالية ورأس المال الوطني البشري. وحول دور الشباب الخليجي في هذه الصناعة وكيف نحوِّل إمكاناتهم إلى أصول تؤدي إلى تحقيق فوائد لاقتصاداتهم، ومجتمعاتهم، عوضاً عن تركهم عبئاً على الاقتصاد ونظم الرعاية الاجتماعية أشار أمين عام (جيبكا) إلى أن المرحلة المقبلة التي تركز على توظيف الابتكار في صناعة البتروكيماويات لتعزيز تنافسيتها تحتاج إلى مهارات وقدرات نوعية متميزة من الشباب والشابات من دول الخليج والمملكة، وهؤلاء قد يكون نسبة منهم ممن لديه الإمكانات، لكنهم قطعاً بحاجة إلى إعادة تأهيل وتطوير مستمر لإطلاق هذه الإمكانات ووضعها في الموقع الذي يتناسب مع قدراتها، وهذه المهمة تحتاج إلى رؤية واضحة من قيادات الصناعة وإدراك أن هذه العملية استثمار في المستقبل.. مشدداً على أن الصناعة اليوم تتسم بأن قياداتها من المخضرمين الذي تمرسوا في مواقع مسئولية مختلفة داخل وخارج المملكة واكتسبوا خبرات جمة، وعندما يتقاعد هؤلاء قريباً ستبرز فجوة في قيادات الصف الأول. ويُشكِّل هذا الوضع فرصاً للشباب، والمطلوب الإعداد الجيد لهؤلاء لتطوير قيادات وطنية مؤهلة لتبوؤ مسئولية قيادة شركاتهم والبناء على ما تحقق من نجاحات وإضافة المزيد في بيئة تزداد فيها حدة وشراسة المنافسة.. وتحويل إمكانات الشباب إلى أصول يمر عبر شراكة أطرافها شركات البتروكيماويات الوطنية وشركاؤهم الأجانب من جهة مع مؤسسات الدولة ذات العلاقة للاستثمار في تطوير معاهد وأكاديميات متخصصة يتعاون فيها الشركاء لتطوير مناهج وبرامج متطورة ومفصلة وفقاً لاحتياجات الصناعة.. وبموازاة ذلك مطلوب العمل على تطوير الأنظمة والحوافز التي تحفز الإبداع والابتكار وتكافئ المتميزين، والأهم من ذلك المحافظة عليهمباعتبارهم أصولاً للشركة لا تقل أهمية عن الوحدات الإنتاجية.

المحافظة على المكتسبات مسؤولية كبرى

من جهته أوضح مدير وحدة تطوير منتجات الأبحاث بمعهد بحوث البتروكيماويات في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الدكتور عبد الملك بن طالب أن صناعة البتروكيماويات بمنطقة الخليج وتحديداَ المملكة على وشك دخول عقدها الرابع، وبناء عليه فهذه الدول أصبحت تستند على إرث كبير من الخبرة التقنية والفنية وهي بلا شك مكتسبات كبيره فيجب المحافظة عليها.. مشدداً على أن المسئولية الكبرى بالمحافظة على هذه المكتسبات لا تتحملها الشركات المصنعة منفردة، وإنما يجب أن تكون ضمن منظومة إستراتيجية صناعتها متكاملة لهذه الدول تُحدد الأهداف وتُـقر التوجهات الصناعية للـ20 سنة القادمة.

وقال ابن طالب إن هذه المنظومة تتم من خلال توسيع قاعدة المنتجات والمنتجين فبالرغم من أن دول الخليج

وتحديداً المملكة تُصنف من أكبر دول العالم إنتاجاً للبتروكيماويات إلا أن هناك تحدياً كبيراً يواجه هذه الدول يتمثل في عدم التوازن بين التصدير والاستهلاك المحلي لتلك المنتجات.. فإجمالي الصادرات تزيد على70% في المقابل يستهلك فقط 30% محلياً.. وهذا الخلل هو نتيجة عدم وجود مصانع ذات الفئة المتوسطة التي من شأنها أن تتولى تصنيع المواد الوسطية من المنتجات الأساسية لشركات البتروكيماويات الكبيرة.. فإنشاء شركات بتروكيماوية متوسطة الحجم الإنتاجي يؤدي إلى خلق توازن بين نسبة التصدير والاستهلاك المحلي.. إضافة إلى الاعتماد على مصانع بتروكيماوية لا تحتاج إلى الغاز الطبيعي كمادة أولية، وهذا من شأنه تخفيف الأعباء على شركات البترول وتنويع مصادر إنتاج البتروكيماويات.. والاستفادة من المنتجات الأساسية للمصانع الكبيرة والتي تدخل في صناعة العديد من المواد البتروكيماوية التي قد لا تستوعب تلك المصانع أعباء إنتاجها وتسويقها.. فعلى سبيل المثال لا الحصر، فمادة مثل الإيثلين يمكن منها إنتاج ما يزيد على 10 منتجات بتروكيماوية أخرى.. كذلك البنزين (ليس وقود السيارات) يمكنها إنتاج أكثر من 20 منتجاً. وأضاف ابن طالب: تُعتبر التقنية المفتاح الرئيسي لعالم الصناعة، فبدونها لم تكن أيٌ من دولنا قادرة على إنتاج جرام واحد من هذا الكم الهائل من البتروكيماويات.. فمن أجل الحفاظ على تلك المكتسبات لا بد من وضع إستراتيجيات وخطط عمليه لتفعيل دور الأبحاث العلمية المرتكزة على تطوير التقنيات الحالية واستحداث تقنيات جديدة.

التأكيد على حديث سمو مساعد وزير البترول

وعزز ابن طالب ما أثاره سمو مساعد وزير البترول الأمير عبد العزيز بن سلمان قائلاً: من أبرز التحديات التي تواجهها دول المنطقة هي المنافسة الشرسة في تسويق منتجاتها في بعض الدول والتي فرضت على منتجاتنا على هيئة رسوم وقوانين تحد من القدرة والقوه التسويقية للمصنّعين الخليجيين في تلك الدول.. وعليه أصبح من المحتم على المصنّعين خلق أسواق جديدة لمنتجاتهم مع العمل بشكل متوازٍ على زيادة كفاءة مواصفات منتجاتها، وخصوصاً البيئية بما يتماشى مع متطلبات بعض الأسواق المستهدفة.. فلعل صياغة حزم اتفاقيات إستراتيجية دوليه سواءً كانت اقتصادية أو تجاريه لتوقيعها مع بعض الدول يخوّل ويسهل لها تصدير ثاني أكبر منتجات المنطقة بعد البترول لتلك الدول.

وحول دور الشباب في هذا القطاع قال ابن طالب: دائماً الطاقات البشرية ما تكون اللاعب الرئيسي في حركة النهوض والتطوير للأمم وخصوصاً في المجالات الصناعية، ولعل التجارب المعاصرة لليابان وكوريا الجنوبية والصين أكبر مثال على كيفية استثمار الطاقات البشرية في النهضة الصناعية لتلك البلاد.. ولنا في منطقة الخليج تجارب مختلفة وثرية في الاستفادة من الطاقات البشرية منذ فترة اكتشاف النفط في بداية الستينيات وإلى اليوم.. ولعل شركة سابك تحديداً كان لها اليد الطولي وصاحبة تجربة رائدة في تدريب الشباب السعودي على خوض هذه التجربة الفريدة في المنطقة..

فقد وقفت بنفسي عند العديد من مصانع البتروكيماويات التابعة لشركة سابك ورأيتها تُدار بأيدٍ وطنية بنسبة لا تقل عن 95%.. وأشار ابن طالب إلى أن دور الشباب الخليجي فعّال جداً لخوض مثل هذه التحديات، ولكن يجب عدم رمي الأعباء كلها على عاتق الشباب ونغفل الجانب الأساسي وهو تهيئة الشباب لخوض هذه التحديات.

موضوعات أخرى