Thursday 28/11/2013 Issue 15036 الخميس 24 محرم 1435 العدد
28-11-2013

الراحل محمد الرشيد.. قصة تُروى!

رحل عنَّا قبل أيام معالي الدكتور محمد الأحمد الرشيد، وهو رجل غني عن التعريف، فقد كان ابناً من أبناء أكبر، وأهم جامعات الوطن، جامعة الملك سعود، وقد تسنّم عمادة كلية التربية بالجامعة في أوج مجدها، ثم تم اختياره لإدارة مكتب التربية العربي لدول الخليج، وأخيراً وزيراً للتربية، والتعليم، وهو أكاديمي، وتربوي مميز، علاوة على خلقه الرفيع، وتواضعه الجم، وكم سمعت عنه الكثير ممن عمل معه، في كل محطة من محطات حياته، سواء من المواطنين، أو المقيمين، ويعلم الله أنني لم أسمع عنه إلا كل خير، وكان الجميع يشيد بتميّزه في مجاله الأكاديمي، وأعني هنا التربية، فهو حقاً أحد رجال التربية الذين طبّقوا دراساتهم الأكاديمية الراقية في مجال عملهم، وقد قام - رحمه الله- بهذه المهمة خير قيام.

استبشر المواطنون خيراً عندما تم اختيار المرحوم وزيراً للتربية، وهنا يصدق عليه قول الشاعر: ولم تك تصلح إلا له، ولم يك يصلح إلا لها، فقد كان ينوي تطوير هذا القطاع الهام، بعد مرحلة ركود طويلة، ولكن هيهات، فقد كان له أعداء التنمية من الحركيين بالمرصاد، وبعضهم كان متقعراً في ديوان الوزارة منذ عقود، ولم يرق لهم أن يأتي شاب أكاديمي، ومسلح بأهم الأدوات المعرفية، من أعرق الجامعات الأمريكية، ولذا وقفوا لخططه التطويرية بالمرصاد، ولأنهم لا يستطيعون مجابهة خطواته العملية التطويرية المتميزة، فقد عملوا بكل قوة على القدح بشخصه! وكالوا كل أشكال الاتهامات لهذا الرجل الصالح، وآذوه لدرجة يصعب على أي أحد تحمّلها، تماماً كما فعلوا مع الراحل غازي القصيبي - رحمه الله- وعادل فقيه حالياً، فديدنهم هو محاربة كل وطني مخلص، يعمل لمصلحة الوطن وحسب، فهم يعملون لتهميش دور الوطن لحساب الأمة، حسب أدبياتهم البائسة.

ومن يعرف الدكتور الرشيد - رحمه الله- جيداً يعلم أنه مسلم وسطي، ومحب لهذا الوطن، ولأبنائه، ويسعى دوماً لإسعاد الآخرين، ومساعدتهم بما يستطيع، ومع ذلك فقد كنت شاهداً على موقف هزّني من الأعماق، وذلك عندما تم إعفاء الراحل من وزارة التربية، فقد كنت أحضر مناسبة وطنية كبرى عندما تم إعلان القرار، وحينها بدأ بعض الحركيين المتواجدين في المناسبة بالتكبير!! دون حياء أو خجل، وارتفعت أصواتهم معبرة عن الفرح، والحبور ، بل إن بعضهم كاد أن يرقص!! وقال أحدهم نصاً: «أخيراً، أخيراً فعلناها!!»، وهذا الإنجاز الذي احتفلت به هذه الثلة البائسة، هو إعفاء واحد من أنجح الوزراء الذين تسنّموا حقيبة التعليم، وهنا نؤكّد أن الناس شهود الله في أرضه، فقد فاق تأبين الراحل، والحزن على رحيله كل تصوّر، وكان هذا الحزن عفوياً، وصادقاً، ويمثّل كل فئات المجتمع بلا استثناء، وهذا أمر يبشّر بالخير، فرحم الله فقيد الوطن، وغفر له، ونسأل الله أن يكون في عون أسرته، ومحبيه، وأن يلهمهم الصبر، والسلوان.

ahmad.alfarraj@hotmail.com

تويتر @alfarraj2

مقالات أخرى للكاتب