Sunday 01/12/2013 Issue 15039 الأحد 27 محرم 1435 العدد
01-12-2013

الحاسد دافع للإبداع وليس مولداً للإحباط..!!

في خطاب شهير لمعالي الشيخ الراحل عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري بعثه إلى معالي الدكتور محمد الأحمد الرشيد وزير التربية والتعليم الأسبق -رحمهما الله- حين عين الرشيد وزيراً للتربية والتعليم، قال التويجري: «لي في الخدمة الآن يا محمد ثلاثة وستون عاماً، ليتني استرحت يوماً واحداً من الحسد!!».

وما ذكره الشيخ التويجري عن الحسد وأنه بضاعة رائجة لشريحة من المجتمع قضية قديمة، بل قدمها قدم الإنسان لأنه يقال أن أول من تلبس بالحسد هو إبليس حين حسد آدم أبو البشر على سجود الملائكة له.

وتوالت بعد ذلك المسيرة البشرية، وكان الحسد حاضراً في قصص كثيرة وكبيرة وشهيرة تتداولها الكتب وأفواه الرواة وقصائد الشعراء.

وكل يتعامل مع الحسد وفق رؤية معينة وفلسفة خاصة أو منقولة عن غيره، لكن تبقى كلمة ومن أشهر من تحدث عن الحسد العالم الكبير شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو من أكثر أهل عصره كتابة في موضوعات السلوك الظاهري والباطني، حيث يقول: الحسد مرض من أمراض النفس، وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا القليل من الناس، ولهذا يقال: ما خلا جسد من حسد لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه.

ومن أكثر من تحدثت عنهم الكتب من شرائح المجتمع وقوعاً في الحسد والمنافسة التي قد ترتقي لأن تكون منافسة غير نظيفة هم أصحاب التخصص الواحد والاهتمام المشترك، أمن يتسمون بالأقران والمتعاصرين، وقديماً قيل (كلام الأقران يطوى ولا يروى) يعني كلام القرين في قرينه ومنافسه تكويه ولا ترويه لأحد لأن له دوافعه الخاصة والتي قد لا تكون موضوعية.

بل يروى عن الصحابي الجليل عبدالله بن عباس أنه قال: (استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض فو الذي نفسي بيده لهم أشد تغايراً من التيوس في زربها).

ومن وجهات النظر الخطيرة في هذا الموضوع ما نقلته كتب التراث عن بشر بن الحارث، حيث يقول (الْعَدَاوَةُ فِي الْقَرْيَةِ، وَالْحَسَدُ فِي الْجِيرَانِ، وَالْمَنْفَعَةُ فِي الْإِخْوَانِ).

وهذه وجهة نظر قالها بشر من واقع خبرته في الحياة أو قد يكون خلفها تجربة شخصية، لكني أسوقها لأنها مما اشتهر عند الحديث في الحسد، لكن مضمونها يوحي بتعامل فيه شك وريبة بالبيئة المحيطة بك، وهذا ما لا يقره شرع ولا واقع.

هذا غيض من فيض مما قيل عن الحسد والحاسدين، لكن السؤال الذي يجب أن يوضع هنا: هل الحسد وصاحبه الحاسد يشكلان حاجزاً للمبدع عن إبداع والمتميز عن تميزه، والجواب بدون شك هو كما قاله الشاعر الكبير (أبو تمام) من أن الحاسد سيكون (بإذن الله) سبباً في تميزك وعزمك وإصرارك وتقديمك الأفضل.

جميل ما قاله أبو تمام:

وإِذا أَرادَ الله نَشْرَ فَضيلةٍ

طُويَتْ أَتاحَ لها لسانَ حَسُودِ

لولا اشْتِعالُ النار فيما جاوَرَتْ

ما كانَ يُعْرَفُ طِيبُ عَرفِ العود

إذن لسان الحسود هو سبب في انتشارك ومعرفة الآخرين لك ولما تقدمه من إبداع.

لكن هنا جانب مهم يجب أن لا يغيب عن بالك، وهو أن بعض الناس يكون فاشلاً وعملاً ناقصاً ثم يرمي تقصيره على الحاسدين!!

هذا موضوع آخر، فشلك في تقديم عملك شيء والإنجاز شيء آخر.

xdxdxdxd99@gmail.com

للتواصل: على التويتر @yousef_alateeg- فاكس 2333738

مقالات أخرى للكاتب