Thursday 05/12/2013 Issue 15043 الخميس 01 صفر 1435 العدد
05-12-2013

بيوت الله: النموذج المفقود «3»

أشرنا في المقالين السابقين إلى أننا - ومن المؤسف حقاً - لم نحقق وظيفة المسجد كمدرسة سلوكية لتنمية وتوجه سلوكنا الحضاري خارج المسجد، تظهر انعكاساتها التربوية المعنوية والحسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية... إلخ على أفراد المجتمع.. وأن السبب في خسارتنا لهذه الأهداف العظيمة يعود لأن معظم مساجدنا بوضعها الحالي قد لا تكون مناسبة للمحاكاة، فضلاً عن كونها مدرسة نستقي منها مناهجنا في حياتنا اليومية وسلوكنا الحضاري.. وأن المسؤولية في ذلك تقع على أطراف ثلاثة.

واليوم سيقتصر حديثنا عن الطرف الأول، وهو إمام المسجد.. وقبل الحديث عن الأئمة ودورهم الاجتماعي التربوي، فمن باب الإنصاف الإشارة إلى أن لدينا ولله الحمد نخبة من الأئمة الفضلاء الذين جمعوا بين العلم الشرعي وسعة الاطلاع.

إلا أن دور الإمام الذي أُمرنا بأن نأتم به يفترض أن يسمو فوق أدوار الأطراف الاجتماعية الأخرى، أي أن يكون الإمام قدوة لنا ولأبنائنا في سلوكه العملي والتعبدي من حيث الانضباط والهيئة والتواضع والرفق بالمصلين والتيسير عليهم وتفقد أحوالهم وبث روح المحبة بينهم وتأصيل المنهج الإسلامي في السلوك... إلخ، وفي إدارته لبيت الله ومتابعة نظافته وتشغيله وصيانته والعناية بمرافقه... إلخ، فعلى سبيل المثال يفترض في إمام المسجد أن يطلع وبشكل يومي - إن لم يكن بعد كل صلاة - على نظافة مرافق المسجد ومدى قيام كل من المؤذن والحارس بمسؤولياته والتأكد من أن مستوى الخدمات فيه يتناسب ومن ينسب إليه البيت (ملك الملوك إله العالمين).

المؤكد أن مستجدات العصر ومتغيراته وتحدياته تتطلب أئمة مؤهلين تأهيلاً عالياً لديهم القدرة على قراءة مستجدات المرحلة وما تمليه من متغيرات، ولديهم التأهيل الكافي لأعمال فقه الواقع وإدارة المسجد بشكل يعكس مكانته وقدسيته ويمكّنه من تأدية رسالته الأساسية في توجيه السلوك الاجتماعي السليم بما يتناسب مع مستجدات العصر ومتغيراته.

من المؤسف أنه على الرغم من أننا من أكثر الشعوب ارتياداً للمساجد، فإن لدينا كثيرًا من السلوكيات التي لا تمت للإسلام بأي صلة (تواضع في الأداء، فساد إداري، عدم احترام الوقت، إخلاف المواعيد، قيادة السيارة بأسلوب غير حضاري، عدم احترام الأنظمة، الإسراف في المأكل والمشرب والملبس مع عدم الاهتمام بالعمل والإنجاز، وغيرها من السلوكيات التي لا يتسع المقام لذكرها).

وطالما أن وظيفة إمام المسجد من أهم الوظائف ذات الأثر الاجتماعي المتعدي، فقد حان الوقت لإعادة النظر في اختيار وتدريب وتأهيل أئمة المساجد ليساهموا في توجيه السلوك الاجتماعي وتأصيل الهدي النبوي لدى عامة أفراد المجتمع.

وباختصار فقد حان الوقت لإنشاء مركز مستقل لتأهيل الأئمة يتم التركيز فيه على تحديد دور الإمام وتمكينه وتعزيز قدراته العلمية والعملية والمهارية للمساهمة في تحقيق الرسالة الكبرى للمسجد.

وللحديث بقية في الخميس القادم - إن شاء الله -.

Falsultan.11@gmail.com

@falsultan11

مقالات أخرى للكاتب