Wednesday 18/12/2013 Issue 15056 الاربعاء 15 صفر 1435 العدد
18-12-2013

حول الرفض العماني للاتحاد الخليجي!

في الوقت الذي كنا نترقب ما ستسفر عنه القمة الخليجية في الكويت، وتفعيل المبادرة السعودية بالتحول بدول مجلس التعاون الخليجي من التعاون إلى التكامل، فوجئنا بتهديد - وزير الخارجية العماني - يوسف بن علوي، بانسحاب عمان في حال تم إقرار المشروع، - إضافة - إلى رفض بلاده تشكيل قوات درع الجزيرة..

باعتبار أن المنطقة ليست في حالة حرب، - وكذلك - رفض انضمام بلاده إلى العملة الخليجية الموحدة، بحجة ضرورة إحداث استقرار اقتصادي شامل قبل الحديث عن هكذا خطوة. وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب ؛ لاتخاذ عمان تلك المواقف؛ لأنه يعتبر تطورا مهما لا يمكن تجاهله.

ليس الجديد في الموضوع، رفض عمان قيام الاتحاد الخليجي، فالرفض كان قائما على أرض الواقع، وقد أعلنت عنه - قبل سنتين من الآن - برفضها الانضمام للاتحاد الخليجي، ولا أبالغ إن قلت: إن عمان كانت منفردة عن باقي دول الخليج في قراراتها، ورسم سياساتها تجاه الأطراف الإقليمية، والدولية، وإنما الجديد في الموضوع أمران، الأول: حدة خطاب معالي الوزير، والثاني: توقيت الخطاب، وكأنه أراد إيصال رسالة لا تحتمل خيارا ثالثا، إما صرف النظر عن فكرة قيام الاتحاد الخليجي نهائيا، وإما انسحاب عمان من تلك المنظومة.

من حق الرأي العام معرفة أسباب رفض عمان للاتحاد الخليجي، كون شعوب المنطقة تنتظر تكاملا على كافة المستويات ؛ ولأن دول الخليج العربي تواجه أخطارا، وتحديات جسام ؛ نظرا للتحولات الكبيرة وسط الأعاصير السياسية، والفتن الهوجاء المفتعلة، التي عمت دول المنطقة - خلال الأعوام القليلة الماضية -، فإنه وحسب قراءتي المتواضعة لتصريح معالي الوزير المسؤول، حين قال: “ لا ينبغي أن ندخل في صراعات، لا مع القريب، ولا مع البعيد، ينبغي أن ننأى بأنفسنا عن الصراعات الدولية “، أي: أن المنطقة ستكون بؤرة لإدارة الصراعات الإقليمية، فإننا لا نريد تزييفا لوقائع التاريخ، وتحريفه عن حقائقه الشاهدة، فالدور الإيراني المتنامي في المنطقة - مع الأسف -، وما صاحبه من انتشار الفكر الطائفي، ونمو الهويات الطائفية على حساب الهويات الوطنية، يستلزم على تلك الدول الأخذ بالمتغيرات الإستراتيجية بعين الاعتبار، وتفعيل مبادرة التكامل لدول الخليج ؛ حتى لا تسبب السياسات الراهنة ويلات، قد نندم عليها لاحقا.

من جانب آخر، فإن تعزيز العلاقات التجارية بين عمان، وطهران، - خصوصا - بعد انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني، هو أحد أهم العوامل ؛ لنمو العلاقة بين البلدين، - لاسيما - وأن عمان تحاول شراء الغاز الإيراني منذ عقد من الزمان، بعد أن انخفضت تقديراتها الاحتياطية من الغاز، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن عمان كانت - خلال الأيام الماضية - ساحة مفاوضات سرية بين إيران، والولايات المتحدة الأمريكية، لم يُعرف محتواها، وحيثياتها حتى الآن، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن سر التحالف الأمريكي الأوروبي الإيراني، وذوبان جليد العلاقات بينهم ؟، وماذا سيحدث بعد انعقاد مؤتمر 5+1 بدون دول الخليج ؟، وماذا بعد انعقاد مؤتمر جنيف 2، والذي تحضره إيران؟.

بعيدا عن الانفعالات، وردود الأفعال، فإنه من الإنصاف القول: إن مزيدا من الجهد يجب أن يبذل، بعد أن وصل الخليج العربي إلى وضع شائك ؛ وحتى لا تتأثر دول المنطقة كمنظومة على خارطة القوى الإقليمية، والدولية، فإن العمل على الوصول إلى الحد الأدنى من التوحد في الرؤى، والتوجهات على مختلف الصعد السياسية، والاقتصادية، والأمنية، وتعزيز القدرات العسكرية، أصبحت حقوقا مشروعة ولا شك.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب