Tuesday 31/12/2013 Issue 15069 الثلاثاء 28 صفر 1435 العدد
31-12-2013

ممنوع اللعب!

هناك الكثير من الرياضات المعشوقة في مناطق معينة في العالم، ولكل رياضة شريحتها الخاصة من الممارسين.

الغولف مثلاً من الرياضات التي يستمتع الأثرياء بها وتتطلب معدات غالية ومناطق خاصة، والرَغبي rugby رياضة عنيفة مليئة بالركض والارتطام يحبها أهل بريطانيا وتشبه كرة القدم الأمريكية إلى حد كبير، وفي أمريكا يعشقون كرة القدم الأمريكية جداً وبطولتها السنوية هي أكثر برنامج تلفازي مشاهدة وذلك اليوم يُعتبر - فعلياً - عيداً وطنياً أمريكياً يجلس فيه الأمريكان ليشاهدوا المباراة النهائية، ومن الرياضات الأمريكية المعشوقة أيضاً البيسبول التي تعتمد على العصا والكرة، وتشبه رياضة الكريكيت التي يحبها أهل باكستان والهند وأستراليا، وأما أهل كندا فيعتزّون برياضة الهوكي حيث يتزلج اللاعبون على الثلج في ملاعب مغلقة ويحاولون إدخال قرص صغير في مرمى الخصم باستخدام عصي خاصة. هناك الكثير من الرياضات وبعضها أنجح من بعض حسب المنطقة، لكن إذا تكلمنا بشكلٍ عالمي فلا شك أن كرة القدم هي أكثر لعبة ورياضة انتشاراً وشعبية حول العالم بلا منازع، وكأس العالم من أكثر البرامج التلفازية مشاهدة في العالم، والمباراة النهائية يعْقُبُها احتفالات وضجة. لكن لم تكن كرة القدم دائماً مثار إعجاب وعشق، ففي عام 1314م أصدر الملك الإنجليزي إدوارد الثاني قراراً ملكياً يقضي بمنع كرة القدم!

كانت تختلف عن اللعبة التي نعرفها اليوم، فآنذاك كانت المباريات قرية ضد قرية، وكان كل فريق يتكون من المئات من أصحاب القرى، يتناولون الكرة على الحقول وفي الشوارع، ورغم شعبيتها إلا أن قرار الملك كان صارماً وواضحاً، وهدد من يلعبون الكرة بالسجن. لم يكن الملك وحده في هذا التعصب ضد الكرة فتبعه الملك إدوارد الثالث وريتشارد الثاني وغيرهم وكلهم أقرّوه على قراره، وليس هذا فقط بل إن بعض الملوك المتأخرين منعوا لعبة الغولف أيضاً، ومنهم الملك الاسكتلندي جيمس الرابع الذي أصدر عام 1491م قراراً قائلاً: «لقد قضينا ألا يلعب أحد كرة القدم ولا الغولف ولا أي رياضات أخرى غير مثمرة في مملكتنا».

ما سبب امتعاض هؤلاء الملوك من تلك الرياضات؟ السبب بسيط، والحقيقة أنه معقول: سماها الملوك «غير مثمرة» لأن تلك الرياضات شغلت الناس عن الرماية، وكان التدرب على النَّبْل من الأساسيات التي يتعلمها الإنجليز ليدافعوا عن بلدهم، خاصة في أوقات الضرورة التي لا يتوفر فيها الجيش ويحصل غزو مفاجئ فيحتاج الملك أن يجمع جيشاً سريعاً من الرماة حتى لو لم يحترفوا الفروسية وفنون القتال، غير أن تلك الأوامر الملكية «دخلت من أذن وخرجت من أخرى» كما يقولون، فقد عشق الناس تلك الألعاب وتجاهلوا أوامر الملوك واستمروا يلعبون حتى نُسِيَت تلك الأوامر ثم اندثرت تماماً.

لم يكن كل الملوك يعادون الألعاب تلك، بل كانوا يعشقون بعض الألعاب أكثر من عامة الناس حتى، فمثلاً كانت الملكة ميري الاسكتلندية تعشق الغولف ربما أكثر من لاعبيها من العوام، لدرجة أنها ذهبت تلعبها بعد مقتل زوجها بقليل!

Twitter: @i_alammar

مقالات أخرى للكاتب