Tuesday 21/01/2014 Issue 15090 الثلاثاء 20 ربيع الأول 1435 العدد
21-01-2014

نهاية أحزاب الإسلام السياسي!

العام في بدايته لكن نحن أمام أول وأهم أحداثه، والأهم في هذا العقد، بل سيكتب كأبرز أحداث القرن الحالي، والعامل الأبرز المغير في مسارات عدة وجذرية عربياً وإسلامياً.

وكما شهدنا صعود الإسلام السياسي السريع إلى سدة الحكم ممثلاً في جماعة الإخوان المسلمون - مصر، شهدنا فشله وسقوطه السريع عبرها، بعد أن أخفق في إدارة كل الملفات دون استثناء، إخفاق كبير، وكبير جداً في التنمية إلى الاقتصاد، والإدارة، والعلاقات المحلية والدولية، والأمن، والإعلام، باختصار فشل في أصغر الأشياء وأكبرها..!

إخفاق تتلمسه لدى أتباعه وأنصاره بعد إصابتهم نشوة الانتصار بلوثة عجيبة أثرت حتى على حضور تيارهم وجماهيرهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي - مثلاً- والتي قدموا من خلالها مستوى متدنياً أخلاقياً وفكرياً، تجاوز القطيعة إلى الهجوم الشرس، وتكريس متواصل للصراع مع الآخر - كل الآخر - خارج حدود الجماعة الضيقة فكرياً وإنسانياً ..حتى الإعلام الممثل أو المدافع عن الهيكل الإخواني ومخططه المزعوم تهاوى إقليمياً وعربياً رغم توفيره لإمكانيات فضائية غير مسبوقة، أنه سقوط للجماعة، وللفكرة الغبية وما تمثله على كافة المستويات والأصعدة!

نحن اليوم أمام مشهد تاريخي وفريد بامتياز يسجل ويؤثق لانهيار جبل الرماد على هذا النحو الكبير والمبهج شعبياً ورسمياً، والشاهد والساحة والفاعل، شعب جمهورية مصر العربية، قلب العروبة الدائم ونبضها السياسي والقومي.

سقوط الإخوان كان يحتاج لوقت فقط قبيل توثيقة، فالفشل الإخواني كان واضحاً منذ البدايات الخطرة والمدمرة التى أرادت الاستحواذ على الدولة والتفرد المطلق ببلد بحجم مصر، في مشروع أخونة، وتحويله بلداً لجماعة دون غيرها، وهو ما كان يتطلب معجزة في وقت انتهت فيه المعجزات، واعتقاد محدودي الرؤية أنه أمر ممكن..!

كان أمام الإخوان فرصة تاريخية لكن تراكمات نفسية حادة، وتجربة العمل السري، وعقلية المؤامرة والشك، أول أعراض مرض وشيخوخة التنظيم السريعة.، وصولاً لموته المعلن الآن شعبياً ورسمياً!

ولو أتيحت الفرصة مرة أخرى - لا قدر الله - لهذه الجماعة أو غيرها من الأحزاب السياسية الإسلاموية، فإن السقوط سيكون قدرها مجدداً وأبداً، ليس لأنها لا تتعلم وحسب، لكن لكونها تنظيمات إقصائية مغلقة، مهما ادعت غير ذلك أو حاولت أن تضلل بعالمية تنظيمها، وانفتاح أفكارها!

حيث مشروعاتها الأممية الواهمة والتي لا تتجاوز حدود أحزابها العالقة في فكرة قديمة ومتحجرة صلبة. ولا شيء يمكن له وصف ذلك بوضوح أكثر، من حالات العنف، وكم وحجم المخططات الترهيبية والتخريبية التي تتبناها هذه الجماعات عامة- والتي تحتفظ دائماً بجناح عسكري أو صلة وثيقة بجماعة مسلحة تابعة تقوم بدور التخريب والتهديد لفرض إرادتها السياسية تحت وهم وشعار مقدس بهدف القبض على السلطة والحكم للأبد! وسيكون ملفت مراقبة الساحة التونسية التي تجد فيما يحدث في مصر نبض ومؤشر لمستقبلها، ولعودتها للحياة الطبيعية وفق الصيغة المدنية المتجذرة في تربتها الوطنية بعد كل هذه المقاومة الإخوانية للسقوط تالي قريب.

في مصر كان الإعلان عبر استفتاء ديمقراطي جميل أيضاً، قاد إلى منع تأسيس الأحزاب السياسية على أسس دينية، وحتى لا تتكرر الأخطاء، وتعود لعبة استغلال واستثمار العواطف والمشاعر الطيبة والدينية للوصولية السياسية! إنه الفصل الحق بين العمل السياسي المؤسساتي، وفق قوانين المنافسة السياسية والإدارية الخالصة في تكوينها الأشمل، عن مساحة الوعظ والإرشاد المخلصة في تكوينها الديني الأخلاقي والروحي.. كما يجب.. شكراً مصر.

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب