Monday 27/01/2014 Issue 15096 الأثنين 26 ربيع الأول 1435 العدد
27-01-2014

مراكز البحوث .. إلى أين؟!

تزداد الحاجة لمراكز البحوث والدراسات كلما تطورت حياتنا، وازدهرت أعمالنا، كلما كانت الأهمية أكبر في أن تكون مراكز البحث العلمي جزءاً لا يتجزأ من رسالة الوعي والثقافة، ومنظومة العمل الفكري، فمن خلال هذه المكوّنات والمراكز يمكن أن تقاس فرص النجاح لأي مشروع علمي، أو صناعي، أو خدمي أو إنساني.

فما يلاحظ هنا على مراكز البحوث أنها يمكن أن تُصور ـ بطريقة سلبية ـ على أنها مجرّد مراكز حفظ، ومستودعات لتخزين الكتب والوثائق والمخطوطات، والسعي إلى فكرة التظاهر وكأنها هي الركيزة الوحيدة للبحوث والدراسات، وإذا سلمنا بذلك وقلنا: إنّ الوثائق والمحررات جزء من هذا المراكز، فإنّ الجزء الأكبر يتمثل بقيام منظومة بحث علمي ومعامل دراسات، ومختصين، ونظم قرائية تحتمها فرضيات التعليم والمعرفة والعلوم والتقنية.

فنحن إذاً بحاجة إلى تحرير مفهوم أو فكرة مراكز البحوث التي لا تزال رغم أهميتها عبأ على منظومات البيئة العلمية والمعرفية، فالرسالة البحثية المهمة تتمثل في أن تكون نافذة للأجيال الجديدة، أو أبواباً لصروح العلم، ينطلق من خلالها الباحث إلى صنع منجزات تاريخية تُجَارِي ما يقدم على مستوى العالم من حولنا.

ومن سبل تحرير مفهوم مراكز البحوث والدراسات، أن يكون هناك المنبع أي الانطلاق من المدرسة، أو المؤسسة التعليمية، من أجل أن تتغيّر فكرة المختبر أو المعمل المدرسي الذي يرتبط في الغالب بمادة واحدة هي (العلوم)، فيما يفترض أن توسع خصوصية هذا المكان رغم بساطته، ليصبح معملاً يقدم إنجازاً علمياً ومعرفياً للبيئة من حوله على أن يلقى الدعم والتشجيع، ومن ثم ينطلق إلى آفاق أرحب على مستوى المناطق، ليحقق فكرته المهمة في بناء عمل بحثي متطور يخدم المجتمع.

فحينما نتأمل تجربة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات نلمس بحق عالميته وشهرته في الداخل والخارج، لأنه قدم للمعرفة مكاناً رحباً، وصاغ من أهدافه منطلقاً علمياً فريداً يخدم الحياة العلمية والثقافية والمعرفية بمختلف ألوانها، مما ساهم في ريادته، وتميُّزه، وشهادة القاصي والداني له بالنجاح والفرادة وحسن الإدارة.. فهو بلا شك مضرب المثل في مجال البحوث والدراسات.

فليت فكرة مركز الملك فيصل العالمي تعمّم في بعض المناطق، أو أن يكون هناك فروع له، خدمة للعمل العلمي المحلي، من أجل تقديمه بأسلوب شيق إلى المتلقي في الداخل والخارج، حتى تصبح البحوث لدينا قابلة لأن تكون مادة عالمية يتفاعل معها الناس في كل مكان، لا سيما وأنّ وسائل الاتصال باتت ميسرة وسهلة وفي متناول الكثيرين.

كما أنّ هناك بعض مراكز الدراسات في مناطقنا تحقق شيئاً من التميُّز والحضور على نحو مركز دراسات المدينة المنورة، ومركز بحوث الحرمين الشريفين وغيرهما، إلا أنّ هناك معوقات ربما تكون مادية، أو تنظيمه، أو نقص كوادر هو ما يعيق انتشار بعضها، فنحن بحاجة إلى ما يخدم حياتنا الاجتماعية على نحو الأسرة والطفل، ويوفر عناصر نجاحها وهذا أولاً .. وتالياً تكون هذه المراكز داعمة لمجالاتنا العلمية والتقنية لعلنا نحقق الأهداف المرجوّة منها.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب