Tuesday 11/02/2014 Issue 15111 الثلاثاء 11 ربيع الثاني 1435 العدد
11-02-2014

الإعلام الفضائحي

تحوير الخبر الإعلامي العادي إلى (فضيحة) أمر يدعو للدهشة, ماذا يعني أن فتاة سقطت ميتة في الجامعة جراء معاناتها من أمراض قلبية معينة, ماذا يعني أن فتاة سقطت في بئر مهجورة؟ ماذا يعني أن شاباً انتحر من على أسوار الجسر المعلق؟ ماذا يعني أن يحصل هذا وغيره من الحوادث المؤلمة في بلدنا؟

أحداث لها ما يماثلها في كل بقاع العالم في الماضي والحاضر والمستقبل, وهي بعين عقلانية لا تتعدى خبر الحادثة المؤلمة, ولا تتجاوز محيطها إلى محيطات أخرى تصل حد هز الثقة في مؤسسات الدولة, كالجامعات والدفاع المدني والمدارس.

يبقى الحدث حدثاً في محيطه أو هكذا يفترض أن يكون من دون (التشكيك) في الجهات المعنية بالحادثة طالما لا يوجد دليل قطعي وقرائن تثبت تحمل الجهة لأسباب الحادثة. أما إذا راح بعضٌ من الإعلام (يهمز ويلمز) هنا وهناك ويستعدي المجتمع والناس على أصحاب القرار فهذا أمر محل نظر.

تقييم المؤسسات الحكومية والأهلية ليس في حادث عرضي مؤلم, ولا في خبر صحفي ساخن يؤلب ويستعدي ويسب ويشتم, ولكن في مدى جودة مخرجاتها على المدى القريب والمتوسط البعيد, وأثرها في سوق العمل وتسهيلها لحاجات المواطنين....

إذا أراد أحد أن يقيم مؤسسة حكومية أو أهلية عليه أن يتبع سبل التقييم الإداري المعروف, وليس عن طريق خبر مؤلم تناقلته الصحف, ولا أدل على ذلك من خبر الطفلة لمى الروقي التي سقطت في البئر تغمدها الله بواسع رحمته, والتي تناقلته بعض وسائل الإعلام بطرائق سلبية غير احترافية حتى مفسري الأحلام دخلوا على الخط وقالوا إن الرؤى تواترت مؤكدين أنها حية ترزق في مزرعة قريبة من البئر.

الوسائل الإعلامية تقوم على (المهنية) وإذا فسدت المهنية فسد كل شيء, وهذا النوع من الوسائل في طريقه للزوال لأن (الإثارة الغبية) لا محل لها في عالم ذكي.

الحوادث المؤلمة تظل مؤلمة وقلوبنا تتفطر من هولها, ورفضنا للإثارات غبر المبررة لا يعني تجاهل الحادث المؤلم, ولكن لا نريد أن يختلط الجد بالهزل بالاصطياد في الماء العكر.

nlp1975@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب