Tuesday 18/02/2014 Issue 15118 الثلاثاء 18 ربيع الثاني 1435 العدد
18-02-2014

‏الإسلام السياسي«بين ضبابية المفهوم ووضوح التوجه» 1-2

الموضوع الأساس لجنادرية 29 «حركات الإسلام السياسي ومفهوم المواطنة»، وبعيداً عن الإطراء والمديح أقول بكل تجرد وحيادية لقد استطاع المنظمون استقطاب عدد من المفكرين والمثقفين والكتاب المختصين والمعروفين في المشهد الثقافي العربي للحديث عن هذه الحركات أو التعقيب على ما قيل، نختلف معهم أو نتفق.. لا يهم، المهم أنهم أضافوا على ما هو في دائرة المتداول كتابة وقولاً في ساحتنا السعودية معلومات جديدة أو على الأقل أكدوا أو أنهم أزالوا ظنوناً كان له وجود في ذهنية شريحة عريضة من المثقفين والكتاب، معززين القول بالأدلة والبراهين اليقينية لا بالشكوك والتخرصات والتخمينات التي تزيد الالتباس وتقوي الاغتراب.. مع أنني شخصياً كنت أتمنى وجود أسماء معروفة لها باع طويل في تحليل الخطاب الحركي ونقد للتوجهات والأفكار السياسية برؤية إسلامية وسطية صحيحة، والاستفادة من الدراسات والأبحاث المتخصصة الجديدة في هذا الباب.

ومن خلال متابعتي لما قيل في ثنايا ندوات هذا المهرجان في شقه «الثقافي / الفكري» أسوق هنا أبرز ما قيل من خلال برقيات عاجلة تحتاج إلى بيان وإيضاح، سوف أحرص على العمل عليها في قابل الأيام بإذن الله:

* إن هناك بين المتحدثين فضلاً عن المعقبين جدلا واسعا حول مصطلح «الإسلام السياسي» فمن قائل إن أول من سكه محمد رشيد رضا، ومن قائل إنه مصطلح غربي وافد أريد به التضليل والتمويه وإلا لا وجود له أصلاً في أدبيات الحركات الإسلامية، والرأي الأكثر عقلانية واتزان -في نظري- قول من قال: «نحن لا نجتمع حول المصطلح من أجل تفكيكه ومحاولة فهمه، بل نريد أن نسبر موقف وواقع هذه الحركات المنضوية تحت هذا المسمى -المتفق عليه في عقلية المثقف العربي -من ومع مفهوم المواطنة، ولذا لا مشاحة على الأقل في ندواتنا هذه في المصطلح، والعبرة بالمعاني لا بالمباني».

* إن هناك اتفاق على أن الحركات الإسلامية وقفت موقف الضد من هذا المصطلح «المواطنة» منذ لحظة الميلاد وحتى هذا التاريخ، بل إن البعض من المتحدثين والمداخلين اعتبر جمع من العلماء والفقهاء والدعاة هم كذلك وقفوا في صفوف المعسكر الرافض للوطنية مصطلحاً وفكرة ومنهجاً مستشهداً بأقوال لهم مبثوثة في كتبهم وموجودة في المحفوظ عنهم من القول.

* إن السبب الأساس للرفض يكمن في اعتقاد هؤلاء المعترضين على المصطلح بأنه يخدش في مفهوم جسدية الأمة «العقدية»، ويتعارض مع فكرة الخلافة التي تتبناها جماعات الإسلام السياسي، والتي هي في حقيقتها مجرد حلم.. ف»الدولة الحلم» التي لا وجود لها إلا في ذهنية المنظرين لهذه الحركات جعلتهم ينفثون في روع الإتباع أننا لابد أن نقفز على الواقع ونحرق المراحل من أجل تحقيق الاستخلاف في الأرض كما أراد الله !!، وهم بهذا كانوا وما زالوا يشكلون اتجاهاتهم ويبنون تصوراتهم ويقدمون أنفسهم ويتخذون مواقفهم خارج التاريخ ويسيرون في اتجاه معاكس له.

* إن سيد قطب من خلال كتابه «معالم في الطريق» نقل هذه «الفكرة الحلم» إلى «لحظة الثورة» التي بها تعززت فكرة التغيير من أجل دولة الإسلام المرغوب بها لديهم، حيث انتقلت من حيز الفكر إلى أرض الواقع، بصور مختلفة وتحت شعارات ورايات متباينة، وهو بهذا الصنيع جرد الدول الوطنية القائمة من أحقية الولاء والطاعة عند الإتباع !!.

* إن الإخوان من أكثر حركات الإسلام السياسي وجوداً وخطورة في عالمنا العربي فهي ممتدة تاريخياً ومكانياً ومتغلغلة في النسيج الاجتماعي في بلادنا العربية بل وعالمنا الإسلامي بطريقة أو بأخرى.

* إن هذه الجماعة غذت الكره لدى جل جماعات العنف في عالمنا العربي، وهي حركة تتقن فن الهدم وتقويض أركان السلطة دون غيره من الفنون، فهي منذ تأسست وحتى اليوم تحفر في هذا الحقل ولا تجيد غيره، ولذلك لن تستطيع أن تقيم حكماً ولا تعزز وجوداً لدولة ما، إذ هي كما هو معروف للباحثين لا تملك مشروعاً ناضجاً ومتكاملاً يمكن الركون له والإحالة عليه.

* إن هذه الحركة حظيت بالترحيب والإكرام من قبل دول الخليج فترة من التاريخ طويلة، وكانت تعمل تحت مظلة الإصلاح الاجتماعي والتربوي التعليمي، وانتهى بها المقام بعد أن دخلت المعترك السياسي الخليجي إلى المواجهة والرفض في المملكة العربية السعودية، فهي كما قال صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله عنها «أنها أصل البلاء».. والمتابعة والطرد في الإمارات العربية المتحدة.. والاحتواء والمغازلة في الكويت.. والمساندة والدعم في قطر «بسب أنه لا يوجد نشاط سياسي للإخوان داخلها»!!؟.

* إن الربيع العربي كشف فشل الإخوان وعجزهم عن تحقيق متطلبات الدولة الوطنية، ولم يستطيعوا التخلص من ربقة التصورات المغلوطة لمفهوم الأمة والوطن والدولة المدنية والجذر الدين لتكوين هذا الكيان في عالمنا المعاصر ولذا بدأت تتساقط فلولهم في عالمنا العربي واحداً تلو الآخر.

هذا شيء مما قيل وللحديث بقية في الجمعة القادمة بإذن الله، والسلام.

مقالات أخرى للكاتب