Tuesday 18/02/2014 Issue 15118 الثلاثاء 18 ربيع الثاني 1435 العدد
18-02-2014

النجاح.. احترام الوقت واستثماره!

نحن نعمل على قتل الوقت مع سبق الإصرار والتّرصد، لتحقيق أهدافنا ومآربنا من خلال إهداره بالتأجيل والانتظار والتعليق والاستطالة. إن قتل الوقت وإهداره يُعتبر جريمة شنيعة لا أغالي ولا أبالغ إن قلت إنها لا تختلف عن اقتراف الجرائم بحق الإنسانية بكل أشكالها وألوانها وتفاصيلها. إن ما نراه اليوم على صعيد تبديد الوقت وإهداره عندنا يُعتبر شيئاً شنيعاً وفظيعاً ومريراً يبعدنا ويطوّحنا جانباً عن مزايا الكسب والتميُّز والصدارة ومواقع النجوم.

إن الشعوب المتحضرة والمتمدنة والراقية جاءت نجاحاتها من خلال احترامها وتقديسها للوقت واستثماره وفق خطط منهجية مدروسة، حتى إن ثقافة الوقت أصبحت عندهم توازي، بل تفوق الأشياء الأخرى مجتمعة كلها، بينما نحن نعمل على ذبح الوقت والتمثيل بجثته بكل فن واقتدار وتميُّز. لقد تشابهت الأيام عندنا، وعندما تتشابه الأيام كما قيل، فذلك يعني أنها ميتة بالأصل والنتيجة، أن مسلسل قتل الوقت لدينا طويل جداً لم تنته حلقاته، ولم تُشارف على النهاية بعد. لا يُوجد لدينا أحلام بامتلاك الوقت الذي يُعادل مجازاً الذهب.

نحن نقول هذا الكلام ونردده تنظيراً فقط حتى جعلناه من نوافل القول، لكننا في واقع الأمر وحقيقته نمارس تبديده بأشياء غير مُلحة، وليس بها فائدة ولا نتيجة ولا معنى ولا تميُّز ولا ذكاء. إن الحفاظ على الوقت وتقديسه والاهتمام به يعني مزيداً من النجاحات الباهرة وتحسين نوعية الحياة بكل مظاهرها وكوادرها. إن الوقت عامل حاسم في حياة الأمم سواء على الصعيد الفردي أو الصعيد العام. إن الأمة التي تُقدر الوقت وتثمّنه وتحافظ عليه نجدها أمة منتجة وفعّالة وحاسمة ولها أحلام الوصول إلى الأهداف المرموقة والعالية. إن هدر الوقت وعدم استثماره سيفضي حتماً إلى فوضى وبطالة وإحباط وانخفاض في الطموحات. إننا نحتاج إلى أن نصل بالوقت إلى مرتبة الثقافة العامة للناس.. إن التسلية العبثية والترفيه الزائد وسهرات المجاملة والتسكع و»الهجولة» الدائمة والمملة والجلوس على الأرصفة ومنادمة المقاهي والاستراحات عوامل تعرية ونحت للوقت.. إننا في واقع حياتنا الحالي نعالج الوقت كما يُعالج الحطّاب الذي يحاول قطع شجرة كبيرة بفأس، لكنها غير حادة مما يجعل مهمته عسيرة وليست يسيرة.. إننا نحتاج إلى استثمار الوقت بالشكل الأمثل حتى تصبح المسافة بين الحاضر والمستقبل متقاربة حتى نصل إلى حدود النجاح والتقدم والتفوق.. إن بعضنا أصبح ضحية لتراكم المتطلبات المستحقة عليه نتيجة عدم مبالاته في استغلال الوقت بدقة، مما جعله في حالة فوضى متشعبة وتخبط كبير دون أن يستطيع التخلص من تبعات التراكم الهائل.

إن إدارة الوقت تعني القدرة التامة على إدارة النفس ومن ثم القدرة على إدارة الآخرين والأشياء.. إن الوقت ثمين جداً وغالٍ ونفيس ولا يجب علينا قتله على مذابح العبث واللا مبالاة والكسل الممنهج.

ramadanalanezi@hotmail.com

ramadanjready @

مقالات أخرى للكاتب