Friday 21/02/2014 Issue 15121 الجمعة 21 ربيع الثاني 1435 العدد
21-02-2014

هيئة وطنية للمشروعات الصغيرة

كيف يمكننا أن نعيد ترتيب اقتصاداتنا بشكل يمكن حل قضايا البطالة الملحة، التي تفرض نفسها علينا، والتي ندور حولها، بمعالجات غير واقعية، وقد قلنا دائماً بأن التغيير الاجتماعي والاقتصادي يحتاج إلى رقي في التعليم المهني، واحترافية في الأداء، وفي حماية الطبقات الدنيا، وهذا يمكن تحقيقه من خلال المشروعات التعاونية في الأحياء، والمشروعات الصغيرة.

في كل دول العالم الصناعي، انطلقت صناعة السيارات من ورش الحرفيين، وانطلقت الصناعات من مجمعات المصانع الصغيرة، وأصبحت قيم العمل هي الأساس الثقافي، لمرحلة لا يمكن العيش فيها دون عمل، واليوم هناك العديد من السعوديين لديه أكثر من عمل، أو أكثر من نشاط اقتصادي وهذا سببه وجود القدرة على العمل، وعدم الاقتناع بوضعهم الحالي، ورغبتهم في الاستقلالية الاقتصادية.

هذه المشروعات عندما تعمم، تستطيع أن تحل الكثير من مشكلاتنا بإذن الله، وخاصة مشكلة البطالة وتضاعف الإنتاج الداخلي، وتسهم بالسيطرة على ارتفاع التضخم، والحد من العمالة الأجنبية بالإضافة إلى أن انطلاقة هذه المشروعات في هذا الوقت، سوف يؤسس لمدن صناعية واقتصادية وطبقة من رجال أعمال وسعوديين، وشباب وشابات مهنيين محترفين.

تؤكد الإحصائيات أن المشروعات الصغيرة تمثل 90% من إجمالي الناتج المحلي لأي دولة، ولذلك عملت المملكة على دعمها وتنميتها، حيث شرعت بوضع العديد من البرامج الداعمة لشباب وشابات الوطن، وأعدت لها الدراسات، والبحوث والبرامج المتقدمة، والأنظمة والقانونين، وسعت إلى دفع القطاع الخاص للمساهمة فيها، ودعمها بالتدريب والتمويل، من خلال مراكز التدريب، وصندوق التنمية الصناعية، وبنك للتسليف (برنامج مسارات) وصندوق تنمية الموارد البشرية، وبرنامج كفالة وصندوق المئوية، وبرنامج عبد اللطيف جميل، ومركز عبدالله الحمد الزامل.

وفي ظل هذا الدعم اللا محدود من الدولة -أعزها الله- والملاحظات التي قدمها أعضاء مجلس الشورى بخصوص دعم المشروعات الصغيرة، إلا أننا مازلنا لم نصل إلى الاكتفاء، لذا نتمنى أن تستحدث الكثير من هذه المنشآت، وفرص العمل، وتعطى الفرصة للمواطن للاستثمار فيها، وذلك من أجل إحداث نقلة نوعية تنهض بالاقتصاد السعودي، وتساهم في تنويع قاعدته الاقتصادية، وتوفر الكثير من فرص العمل للمواطنين، في جميع مدن ومناطق المملكة.

ولعل ضعف نمو مثل هذه المشروعات الصغيرة، يرجع إلى العديد من المعوقات الداخلية والخارجية فالمعوقات الداخلية تشمل التكاليف الإدارية، ونقص التمويل، وضعف التسويق، والقدرة على المنافسة، أما المعوقات الخارجية، فهي الأنظمة الإدارية، وأنظمة العمل والعمال، والعقود الحكومية وهناك أيضاً ضعف في الحوافز المشجعة للشباب والشابات، للعمل ضمن هذه المشروعات الصغيرة وضعف في البنية التحتية بسبب ندرة البيانات، والمعلومات المتوفرة عن المنشآت الصغيرة، وعن الأسواق التي تتعامل معها.

وهناك تساؤلات عديدة يفترض الإجابة عليها من قبل المشرفين والمسؤولين عن اقتصادنا، مثل ما هي المعلومات والبيانات والإحصاءات عن أداء هذه المنشآت؟.. وما حجم استثمارات المنشآت الصغيرة؟.. وما هي المخاطر التي تواجهها وكيف تستفيد المنشآت الصغيرة من برامج التمويل، خاصة من البنوك والصناديق الوطنية؟.. ولماذا لا تكون إعانات حافز والضمان الاجتماعي داعم رئيس للمنشآت الصغيرة؟ ولماذا لا توجد (هيئة وطنية ترعى وتتولى أوضاع المنشآت الصغيرة؟) وتقدم الدعم اللازم لها وتكون رافداً لدعم الاقتصاد الوطني، من خلال تطوير واستخدام اقتصاديات المعرفة والتقنية الحديثة.

لذا ندعو إلى تأسيس (هيئة وطنية للمشروعات الصغيرة)، تهدف إلى خدمة هذه المنشآت، مع الاهتمام بضمان جودة التصنيع والمنتج، والإشراف على تدريب وتمويل شباب وشابات الوطن والقيام بدور المراقب والمتابع لهم، وبناء قاعدة معلومات تقنية، تخدم المشروعات الصغيرة، وتسهل عملية الإقراض، والتمويل للمستثمرين فيها، ووضع قاعدة بيانات إلكترونية للمشروعات الصغيرة التي من الممكن إنشائها، والتي يحتاجها الوطن والمواطن، وجعل هذه الهيئة مرجعاً نظامياً وقانونياً لأصحاب المشروعات الصغيرة، ومنظماً لأعملهم بأسلوب علمي وتقني، يتولى رعايته ودعمه مجموعة من الاقتصاديين السعوديين.

Ahmed9674@hotmail.com

مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية

مقالات أخرى للكاتب