Sunday 02/03/2014 Issue 15130 الأحد 01 جمادى الأول 1435 العدد
02-03-2014

كفّوا عن أراضي المرافق والخدمات!

قبل يومين، نشرت جريدة الشرق، خبرًا عن أرض كانت مخصصة لإقامة مدرسة ومستوصف في الدمام، ثمَّ تحوّلت إلى استراحة خاصة، هكذا جاء الخبر الاستفزازي، إلى الحدّ الذي يجعل أكثر المواطنين غباءً وسذاجةً يسأل بحسرة: طيب ليه؟ وين نزاهة عنهم؟ وجميعنا نسأل السؤال ذاته، خاصة فيما يتعلّق بهذا الملف الشائك، ملف أراضي المرافق المخصصة لإنشاء حدائق ومواقف، وملف أراضي الخدمات المخصصة لإنشاء مدارس ومستوصفات وحدائق، لماذا تتحوّل بقدرة قادر إلى استراحات خاصة ومنازل سكنية للبيع.

إذا كان هناك نظام ملزم يقوم مالك المخطط بموجبه، بإفراغ الأراضي المخصصة للمرافق، كالشوارع والحدائق والمواقف، للجهة ذات العلاقة، لماذا تتحوّل هذه الأملاك فجأة إلى أراضٍ للبيع والتداول بين الملاك؟ أين الجهة الحكوميَّة المالكة، وهي هنا البلديات المسؤولة عن الحدائق، كيف لا تتم محاسبتها، ومحاكمة الموظف المسؤول عن التفريط بهذه المرافق؟ ولماذا تستخدم أراضي الخدمات فيما لم تخصص لأجله، كالاستراحات الخاصَّة، والمنازل والقصور؟

أعتقد أن هذا الملف لم يعد مستحسنًا السكوت عنه، فهو مؤثِّرٌ بشكل مباشر على المواطن، ويصعب إهماله والتغاضي عنه، بل يجب الرجوع إلى كل عمليات الاستيلاء التي تمَّت على هذه الأراضي منذ عشرات السنين، ومعاقبة المتسببين بأثر رجعي، لأنّه لا يجوز تغاضي نزاهة عنها، لكونها حدثت قبل إنشاء جهاز هيئة مكافحة الفساد، أو لأنّها من المال العام، لأنّها من وجهة نظر أخرى هي من مال المواطن الذي دفع عرق السنين لشراء أرض سكنية ضمن مخطط تنازل عن قطع محدّدة لصالح الخدمات، بمعنى أن سعر المتر الذي دفعه المواطن في مخطط مطوّر، مستخرجة منه نسبة محدّدة من الأرض الخام لصالح المرافق والخدمات، أيّ أن هذه الأرض الخدميَّة، حتَّى وإن كانت تبدو جزءًا من المال العام، فهي مدفوعة من مال المواطن الخاص، لذلك على هيئة مكافحة الفساد، والمجالس البلدية، استعادة القيمة التقديرية للأرض لحظة الاستيلاء عليها، وشراء أرض جديدة بالمبلغ، أو إعادته لأصحاب الحقِّ، وهم سكان هذا الحي أو المخطط!

هذا العبث حوَّل أحياءنا إلى مُجرَّد علب سردين، نتزاحم فيها كي نأكل ونشرب وننام، لا مساحات مريحة للنظر، لا حدائق، لا مكتبات عامة، لا أندية اجتماعيَّة، لا مدارس، لا مستوصفات... إلخ.

هل يعقل أن مدينة ضخمة كالرياض، وفي أكثر أحيائها تطوَّرًا وجذبًا للسكان، من شمال الدائري الشمالي، وحتى طريق الأمير سلمان، وفي عشرات الأحياء، نجد أن المدارس الحكوميَّة فيها لا تتجاوز بضع مدارس، إلى درجة أن مدير إحدى المدارس الابتدائية هناك أكَّد لي أن قائمة الانتظار لديه تتجاوز خمسمائة طالب، لماذا ولماذا ولماذا؟ لماذا أصبحت قوائم الانتظار حتَّى في التَّعليم الأساسي، التَّعليم الذي تجبر الدَّولة على تأمينه لأيِّ مواطن، والسبب طبعًا هو ما ذكرته أعلاه، وزارة التَّعليم تشتكي من عدم توفر أراضٍ لبناء مدارس حكومية، لأن الأراضي المخصصة للخدمات، وأمام منطق السوق، وجشع التجار وملاك المخططات، تَمَّ التصرف بها.

مقالات أخرى للكاتب