Thursday 06/03/2014 Issue 15134 الخميس 05 جمادى الأول 1435 العدد
06-03-2014

«فوسفين» .. القاتل الخفي!

أصبت بالدهشة وأنا أتابع فيلما وثائقيا عبر موقع اليوتيوب. الفيلم يحكي بشكل مثير قصة غاز خطر جداً على حياة الإنسان يسمى غاز الفوسفين. هذا الفيلم أخرجه الشاب السعودي عبد الرحمن صندقجي للتعريف بما سميته هنا في هذه المقالة التي أمام أنظاركم وبين أيديكم بالقاتل الخفي. فاقت مشاهدته المليون بسبب قوته واستناده إلى معلومات موثقة باستضافته أطباء ومختصين، إضافة إلى كشفه عن أسرار وفاة الطفلتين مسرة وميسرة نتيجة استنشاقهما غاز الفوسفين الذي استخدمه الجيران في السكن كمبيد حشري، وكادت الأم أن تلحق بهما لولا لطف الله وستره على الأسرة المنكوبة - ولا اعتراض على أقدار الله - بسبب الإهمال وقلة المتابعة مع تقصير مسؤولين وجشع تجار لا يهمهم إلا ما يدخل لجيوبهم المتورمة، أما صحة الآخرين فآخر ما يفكرون فيه.

الفيلم يكشف تفاصيل في غاية الأهمية لعل من أبرزها مثلاً أن جراماً واحداً من الغاز السام كافٍ لقتل إنسان، إذ يتغلغل إلى كريات الدم الحمراء ويعطلها تماماً. الغريب أن غاز فوسفين لا يوجد هكذا مستقلاً يمكن التعرف عليه، وإنما يستورد مستتراً خلف أسماء منتجات تستخدم مبيدات حشرية قاتلة للفئران والجرذان والحشرات. يدخل ضمن مكونات تلك المبيدات ما يسمى مادة فوسفيد الألمنيوم، وهذه المادة تصدر غاز الفوسفين عند تعرضها للرطوبة، ومكمن خطورة هذا الغاز القاتل سرعة انتشاره في كل مكان.

بعد عرض الفيلم عبر اليوتيوب تحركت وزارة التجارة لتفتيش المحلات التي تبيع هذا السم، وجاء تحركها متأخراً مطابقاً للمقولة الشهيرة «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي» وهي الحكمة التي تؤمن بها وتطبقها معظم دوائرنا الحكومية. تحركت الوزارة المسؤولة أمام الله أولاً ثم أمام ولي الأمر والمجتمع بكل شرائحه متأخرة - وأتمنى أن يستمر هذا التحرك إلى أن يشاء الله - نحو كل المحلات التي تبيع المبيدات الحشرية في أنحاء الوطن العزيز للتأكد من عدم وجود مبيد فوسفيد الألمنيوم القاتل.

التحرك والجولات بعد وقوع الفأس في الرأس يهدئ النفوس قليلاً، لكنه يطرح أسئلة كثيرة حول ماهية المسؤول عن إدخال هذه الغازات الخطرة وغيرها إلى المملكة، ثم أين أجهزة التفتيش والرقابة، والأهم من كل ما قيل سؤال يطرح نفسه وقد يكون المحور لكثير من التصورات والأسئلة، والسؤال هو: هل يوجد تحذيرات لدى المستوردين عن المواد الخطرة وما يسمح باستيراده لصلاحيته للاستخدام وما لا يسمح، أم أن الأمر يترك لاكتشافه عن طريق الصدفة المحضة وذلك مثل ما حدث للطفلتين مسرة وميسرة، وما يثار حالياً حول خطورة الحبق والنعناع، وما أثير في وقت مضى حول مشروبات الطاقة ولم يفطن لها إلا بعد تأكيدات وتحذيرات وحالات طارئة.

من حق الناس على الجهات المسؤولة عن الاستيراد التأكد من سلامة السلع المستوردة، وصلاحيتها، وعدم خطورتها، فصحة الناس وسلامتهم لا يقدران بالمال.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب