Sunday 13/04/2014 Issue 15172 الأحد 13 جمادى الآخرة 1435 العدد
13-04-2014

ثرثرة فتيات جامعة

تقول بينما كنت وزميلاتي في المطعم أثارت إحدى البنات موضوع الارهاب والجماعات السياسية وتشعب الحديث بين هزل وجد عن الرئيس فلان والرئيس علان. حتى لخصت زميلتنا (الدافورة) الموضوع.

زبدة الزبدة يابنات: ماهو تعريف الجماعة هذه و (إيش) تفرق عن تلك الجماعة؟ ليش احنا مع هذه ونرفض تلك؟ وتضيف، أنا كلما أقرأ عن هذا الموضوع بالذات في الصحف التي يحضرها الوالد (يتبرجل) دماغي. سألت الوالد، قال خليك يابنتي في دروسك. بصراحة حسيت أنني دخلت منطقة ملغمة، قلت أنا مالي ومالهم. تعرف (الدافورة) همها فقط حفظ المقرر وحصد الدرجات، تحب تركز وتسمع كلام (الأبلة) وأبوها!

ثرثرة المطعم انتهت بالاتفاق على سؤال دكتورتنا المحبوبة في الجامعة. هي متخصصة وستشرح لنا (على قد عقولنا) ما أشكل علينا فهمه. ترى حتى إحنا البنات نحب حكي السياسة مثلكم ياالرجال، وإن كان على خفيف. معاذ الله أن يكون لنا طموحات في منافستكم على فهم الملعونة (السياسة) أو الولوج في عوالمها. فقط نريد الفهم!

هي عادة في مجتمعنا تنتقل عدواها من الكبار، فبدلاً من أن يكون حديث المطعم حول آخر الأفلام والموضة وأخبار الفنانين واللاعبين، تتسلل الهموم إلى جلسات هؤلاء الصغيرات دون شعور منهن. تشرح فتاتي الصغيرة مادار وكأنها في حالة دفاع وقلق من الفهم الخاطئ حين تنكر علاقتهن بالسياسة ومحدودية طموحهن في تخصصاتهن العلمية. ليس ذلك فقط، بل إنها تعترف بأنهن سألنها، بصفتها ابنة الكاتب، عن رأيها، فأجابتهن بأنها لا تقرأ ما يكتبه والدها. تقول سامحني يا أبي!

هي لا تعلم سعادتي بردها ذلك، وأنا أبحث أن لا يشبهني ابنائي. صوت الأب داخلي يقول: يارب نجهن من هذه الهموم ومآلاتها وأوجاعها...

نكمل الحكاية. تقول أتينا اليوم التالي وسألت إحدانا دكتورة الثقافة الإسلامية عن الفرق بين هؤلاء وأولئك؟ ولماذا لا يحب كل منهم الآخر ويعادي كل منهم الآخر؟

فماذا كانت إجابة الدكتورة؟

أجابت: هذا السؤال خارج المقرر. ركزي أنت و (اياها) في المنهج...

ألحت زميلتي بالسؤال: لكن نحن ندرس مادة ثقافة ونريد منك دقائق فقط تشرحين لنا فيها الموضوع؟

وتضيف: تابعت الدكتورة فوجدتها ارتبكت، لم تطالع في وجه زميلتي و بانت عليها الحيرة. قفلت الموضوع بشكل صارم: أي واحدة منكن تطرح الموضوع مرة ثانية سيكون لي معها كلام ثان. هذه المواضيع ممنوع تداولها في الجامعة لأنها خارج المقرر.

أدركت بأن الحكي ليس قصة عابرة وإنما مقدمة سيتبعها وابل اسئلة شائكة. الإشكالية أنه لايوجد في بيتنا مقرر حكومي يكون حجتي في عدم الإجابة. أصدقائي الذين لا يتورعون عن إزعاجي بالاتصال في أوقات مختلفة، تمنيت أن يتصل بي أحدهم لحظتها أو يقرع جرس الباب. أخشى (غسل دماغ) الصغيرة بأفكاري كما أتجنب قمعها بالقول هذه مواضيع مالك شغل فيها.

و كان ما توقعته، انهمر سير الأسئلة:

- لماذا يا أبي ممنوع مناقشة هذا المواضيع حتى في حصص الثقافة؟ أليس الثقافة - كما قلت لي- تعني البحث في الأسئلة الشائكة؟

- لماذا خافت الدكتورة؟ هل ممنوع عليكم أساتذة الجامعة أن تتحدثوا في اي موضوع خارج الكتاب؟

- هل ممكن نستضيفك يابابا أنت أو أحد المفكرين ليشرح لنا في الجامعة هذه المواضيع؟

- نحن مثلكم نحب بلدنا، لا نتمرد، لكن نريد أن نفهم... أليس هذا من حقنا؟

كم أنت كريم يا رب. وصلت رسالة من الجريدة: عاجل الرجاء بعث المقال. شكراً للطفك سعادة رئيس التحرير، أنقذتني.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب