Friday 18/04/2014 Issue 15177 الجمعة 18 جمادى الآخرة 1435 العدد
18-04-2014

الجحود

من أسمى الصفات الإنسانية، وأروع الخصال البشرية : صفة الوفاء، والاعتراف بالجميل والمكافأة عليه، ولو بالثناء الجيد، والدعوة الصادقة، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه».

فالنفس البشرية منذ خلقت، وهي في شوق دائم إلى القريب والصديق، والحبيب، ولا تعرف النفس البشرية أجمل، ولا أرق من تبسم المرء في وجه أخيه، وقال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: «الابتسامة في وجه أخيك صدقة «.

ولا يستطيع الإنسان بحكم تكوينه الذي أوجده عليه خالقه أن يعيش بمفرده، فهو دائماً في حاجة إلى الآخرين ليس فقط لتلبية احتياجاته المادية من مأكل ومشرب، ولكن أيضاً لحاجته المتواصلة المستجدة للجوانب الوجدانية والعاطفية في علاقته بالآخرين.

ولهذا فإن أقسى ما يتعرض له الإنسان هو موقف الجحود من إنسان آخر، وخاصة إذا كان الإنسان الآخر من أهله، أو من أصدقائه المقربين، فهنا يكون الجحود قاتلاً، أو يضع الإنسان في موقف لا يحسد عليه.

ورد الفعل للجحود قد يأخذ أشكالاً مختلفة، فقد يكون التسامح لمن يقدرون عليه، وقد يكون الغضب والثورة، وقد يكون جحوداً في مواجهة الجحود.

ومن واجب المسلم أن يعترف بالجميل لصاحبه.. وفي الحديث: «من لم يشكر الناس لم يشكر الله «.

والجحود صفة ذميمة اللفظ، كريهة المعنى، تبعد صاحبها عن أخلاق الإسلام الذي دعا أبناءه إلى الوفاء والفضيلة، وديننا الإسلام يدعو إلى الوفاء، ورد الجميل، وعدم الجحود، والتنكر للمعروف، يقول - تعالى -: {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (237) سورة البقرة، والإنسان كرمه الله بالعقل إذا قدم إليه أحد جميلاً فإن عليه أن يرعى ذلك الجميل، يقول تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإنسان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (14) سورة لقمان، لكننا هنا نذكر أن الشخص الجاحد هو أول من يتأثر بجحوده، فهذا الجحود يقتل صاحبه أول ما يقتل، فالجاحد يشعر في قرارة نفسه وفي عقله الباطن بما فعله، وبالتأكيد سينعكس ذلك على حالته العقلية والوجدانية، وقد يؤدي به إلى عديد من الأمراض النفسجسمية « كما يقول أطباء علم النفس « وهي الأمراض الجسدية التي للعوامل النفسية أثر في حدوثها.

كما أن الجاحد، وهو بهذه التركيبة النفسية الشاذة، سيتعرض بالضرورة إلى مواقف كثيرة في مستقبل حياته مليئة بنكران الجميل والجحود والخسة، فهذا هو قانون الحياة، فمن يعمل خيراً فسيراه هنا في الدنيا، ويراه هناك في الآخرة، ومن يعمل شراً كذلك فسيراه عاجلاً أو آجلاً.

وليستمر في عطائه وفي كرمه مع هذا الشخص الجاحد ومع الآخرين، وسيأتي اليوم الذي يأخذ فيه جزاء كرمه وإحسانه ويراه، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

alomari1420@yahoo.com

مقالات أخرى للكاتب