Friday 25/04/2014 Issue 15184 الجمعة 25 جمادى الآخرة 1435 العدد
25-04-2014

الحقيقة المؤكدة في عملية التأثير والتأثر

إن التأثير في المجتمع يتطلب قوة رائدة أو قاهرة تدفع المتأثر إلى التغيير في طريقة الحياة أو آلية العمل فيها. وإلى عهدٍ قريبٍ ربما منذ عشرين أو ثلاثين سنة ماضية، كان من السهل تحديد مصدر التأثير في المجتمع أو القوة المؤثرة فيه؛ وقد كانت القوة المؤثرة في المجتمع آنذاك، في الغالب،

ترتكز على قاعدتين أساسيتين؛ الأولى أصحاب التجربة والمعرفة من شخصيات المجتمع مثل: مسؤول حكومي، أو شيخ ديني، أو رمز اجتماعي، أو رئيس شركة، أو مدير مدرسة. والأخرى وهي الأهم: قنوات الخطاب والتواصل مع الجمهور التي كانت محدودة آنذاك ومتاحة فقط لشخصيات المجتمع، مما جعل التحكم فيها أمراً سهلاً. ولكن في عصرنا الحاضر لم يعد التأثير محدوداً كما كان في السابق، وإنما أصبح هناك مصادر عديدة للتأثير في المجتمع نتيجة لتعدد قنوات الاتصال وشبكات التواصل مع الجمهور، وهذا التحول في التأثير على المجتمع من المصادر المحدودة إلى المتعددة في ازدياد مستمر لا يتوقف مع تطور التكنولوجيا. ونتيجة لتزايد استخدام الناس لخيارات التواصل الاجتماعي وأجهزة التكنولوجيا الحديثة، ظهر مصطلح (ارتفاع سقف الحرية)، وبالتالي أصبح هناك تزايد ملحوظ في مشاركات الأفراد من عامة الشعب من الجنسين في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية والفنية والرياضية وغيرها من المشاركات؛ سواء مشاركات فعلية من خلال التواجد في موقع الحدث؛ أو مشاركات عن بعد من خلال البيئة الافتراضية عبر الإنترنت، الذي أتاح للناس إمكانية التكتل على هيئة جروبات (مجموعات) يمكن أن تتمدد من خلال تضاعف عدد المنتسبين إليها من الجنسين، فأصبح التغيير في المشهد الاجتماعي سريع الوتيرة فيظهر أفراد وجروبات جديدة، ويغرب أفراد وجروبات أخرى. وأتاحت قنوات نقل المعلومات، التي تتطور يوماً بعد آخر، تناقل الأخبار بين الأفراد وبين أعضاء الجروب الواحد، وبين مختلف الجروبات مع بعضها البعض، فخلال دقائق معدودة، يمكن معرفة الشخصية المؤثرة ومدى اتصالها بالواقع المعاصر أو انفصالها عنه، ويمكن تشبيه التأثير والتأثر في العصر الحديث بحركة البندول التي لا تتوقف، فالناس الذين يتأثرون قد يصبحون مؤثرين يتضاعف عددهم، ويصبح لديهم قوة تأثير رائدة تطمح إلى التغيير في المجتمع، ومن هنا يتبين ضرورة مجاراة التكنولوجيا وتوظيف أدواتها لإدارة مشهد التغيير لجعل قوة التأثير الرائدة تتجه نحو التغيير الحضاري.

الخلاصة

إن الديناميكية هي الحقيقة المؤكدة في عملية التأثير والتأثر التي يمر بها المجتمع، وأن وتيرة التغيير مستمرة بأسرع مما كانت عليه في السابق، وبالتالي ستتطلب المرحلة الزمنية القادمة جيلاً ذا شخصية متفاعلة تملك حرية الاختيار بين التأثر والتأثير عندما تريد.

khalid.alheji@gmail.com

Twitter@khalialheji

مقالات أخرى للكاتب