Saturday 26/04/2014 Issue 15185 السبت 26 جمادى الآخرة 1435 العدد
26-04-2014

عروس الداعية الكندي!

كل أم، وكل أب، منذ أن تُفتح أبواب الحياة لمولودهما الصغير وهما يُفكران في ذلك اليوم الذي يرتقي فيه أعلى درجات النجاح، يفكران بمستقبله، بحياته، يتصوران فتاتهما بالفستان والطرحة البيضاء، تغلبهما دموع الفرح غالبًا في مثل هذا المشهد. لكن والد الفتاة التي تزوجت سرًا من كندي، غلبته دموع الحسرة والألم، وقد سافر مع ابنته ليعود بها إلى أرض الوطن شامخة بشهادتها رافعًا رأسه بنجاحها وتميزها، فعاد كسيرًا بوجع لا يخصه وحده، بل هو وجع وطن على فتاة عاقة.

لست ضد أن تتزوج الفتاة من خارج محيط الوطن، على أن يتم الزواج برضا والديها ليعيشوا فرحتهم بها، أما إن رفضوا الشخص الذي تريده لمبررات عادات وتقاليد المجتمع، فعليها أن تحاول وتجتهد لإقناعهم، وإن استمروا في رفضهم فلا سعادة ولا فرح تعيشها الفتاة دون والديها، ولا حياة نعيشها وهي مبنية على تعاسة أقرب الناس إلينا.

في الحقيقة، عندما سمعت القصة لأول وهلة بأكاذيب وأشكال منوعة من التلفيق لم أصدق بسبب وجود فئة معينة في مجتمعنا تجتهد في صنع أحداث وهمية عن المبتعثين للنيل من برنامج خادم الحرمين للابتعاث، وبعد أن فتحت أبواب المصادر الموثقة وجدت أن الفتاة في سن الثلاثين، بمعنى أنها ليست مراهقة ليرفع طيشها باب العتب، وأثار استغرابي جرأة الشاب الكندي على تخطي كل القوانين التي تحكم الفتاة، فالرجل الغربي -عادة- لديه من المعرفة ما يجعله يحترم عادات وثقافات الشعوب الأخرى، إلا أن الطامة الكبرى في أن الشاب الكندي مسلم ويعمل «داعية» فأي إسلام يعتنقه وأي دعوة يحملها وقد اختطف الفتاة من حضن أبيها؟

ما يحاول الوصول إليه دعاة الرجعية والتخلف من محاربي العلم والتنوير، هو إلصاق التُهم في برامج الابتعاث ومحاولة استغلال أي قضية لصالح توجهاتهم، دون النظر إلى وجود أب مكلوم وأسرة تنعى عصيان ابنتها، وها هي الفتاة لم يردها وجود محرم معها فيما فعلته، وما رأيته في هذه القضية يجعلني أجزم أن الفتاة مغرر بها، وكلي أمل في أن تعود خاضعة لحضن أبيها متكئة تحت أقدامه الطاهرة، فدموعه كنت أراها تشق في نفسي الوجع، فكيف بابنته التي لازمها ثلاث سنوات ليراها أحسن البنات!

الأبناء -أحيانًا- لا يفكرون بآبائهم، بل إن هذا الجيل يغدو إلى القسوة تجاه والديه، ويجنح إلى الأنانية وافتقار القيم وهي الأساسيات التي تقوم عليها الأخلاق، هذا الجيل يختلف عن جيلنا كثيرًا، بل إنه لا يشبهنا، إنه جيل كأنه يولد وهو يشعر أن هذين الوالدين ما هما إلا وسيلة لحياة يختارها وحده دون مشاركة من أحد، حياة يختارها ويقبل بها والداه أو يذهبان إلى الجحيم.. قد أكون قاسية في عباراتي هذه، لكنني أكتب بمشاعر الأم ودموع ذلك الأب العظيم لا تبرح ذهني ومخيلتي!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب