Monday 28/04/2014 Issue 15187 الأثنين 28 جمادى الآخرة 1435 العدد
28-04-2014

اليوم العالمي للكِتاب

قبل أيام احتفل العالم من حولنا باليوم العالمي للكِتاب الذي يصادف (23أبريل) من كل عام، وهو الاحتفاء الأحدث فيما هو مهم في حياتنا على نحو القراءة، والكِتاب، والتشجيع على التعليم، والتعود على المطالعة، وإدراك فوائدها ومعانيها القيمة، فقد أقرته «منظمة اليونسكو للتربية والعلوم» وهي إحدى منظمات الأمم المتحدة التي تعنى بالحياة الإنسانية، وجوانب الوعي والمعاني النبيلة التي لا تتحقق إلا من خلال القراءة والاطلاع والتعلق بالكتاب، وانطلقت الشعلة الأولى لهذا الاحتفال قبل نحو عقدين من الزمان، أي في عام 1995م

وقد تزامنت هذه المناسبة -اليوم العالمي للكِتاب- هذا العام مع رحيل الروائي والكاتب الكولومبي «جابريل جارسيا ماركيز» الذي دَعَّمت كتبه ومؤلفاته ولاسيما أعماله الروائية التوجه الاجتماعي في بلاده على مدى عقود، فقد عُني «جابريل جارسيا» بتحولات بلاده على المستوى الاجتماعي حينما أخذ على عاتقه مهمة التعريف بالكتاب ودوره في بناء الأمة، لأن المزيد من قراءة الكتب والمؤلفات والانفتاح على الآخر هو أهم خطوة يخطوها المجتمع نحو التميز والحضارة والوعي، مما جعل هذا الرائد الفذ حالة نوعية فريدة تقتدي به الأجيال ليحقق الكِتاب في تلك البلاد ـ رغم فقرها ـ نسبة مميزة من الوعي والثقافة ومحاربة الأمية ومكافحة الجهل.

وحينما يطل اليوم العالمي للكتاب في كل عام ندرك أننا في امتحان صعب وشاق حينما نلمح أن القراءة باتت مهددة بالكثير من التحديات، نظرا لانغماس المجتمع في عالم المشاهدة وتثبيت بؤرة الرؤية على التلفاز أو سماع المذياع أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي الذي بات فرصة ما لإزهاق روح الوقت وحسب، فرغم أن التجربة الأخيرة من قبيل الكتابة أو القراءة إلا أنها ذات طابع شكلي أو سطحي لا يؤثر في المتلقي كتأثير الكتاب الأدبي أو المعرفي أو العلمي الذي يؤلفه العلماء والمبدعون والمتخصصون في مجالات كثيرة.

ومن المهم والضروري جدا أن يتوجه الكِتاب في تكوينه وتفاصيله إلا المجتمع من أجل بناء حالة وعي يقبل الناس عليها، وما هذه المناسبة إلا برق فكرة خاطف يذكرنا وعلى نحو وجل بأن الكتاب هو أهم سلاح للمجتمع، فحينما يصبح من حولك قارئاً ومطلعاً ونهماً في عوالم القراءة، ومشدودا إلى متابعة التأليف في المجال الإنساني فحتما سترتفع وتيرة الوعي، وستحقق القراءة أولى مهامها في المجتمع من خلال الكتاب.

فالمجتمع إذاً حالة من التلقي الضروري للكتاب.. فما لم يُقرأ هذا العمل الفكري والثقافي والمعارف والعلوم فلا فائدة من هذا التأليف والنشر والعصف الذهني الذي يعمل فيها هؤلاء المبدعون والكُتَّاب في أعمالهم ومؤلفاتهم، لكن المناسبة للأسف يبدو أنها مرت مرور الكرام في الكثير من بلادنا العربية لانشغاله بقضاياه اليومية، وفئة من عالمنا شغفت - للأسف - بالمجانية والتواصل السطحي وما بات يوسم بالتسلية، وهو ما يبدو الآن بشكل لافت، لينبأ بأن الكثير من المجتمع لم يعد مكترثا بالوعي أو مهتما بوسائله على نحو القراءة والكِتاب.

فلا بد لنا في هذه المناسبة أن نتذكر أننا استطعنا بحمد الله القضاء على الأمية في القراءة والكتابة، وبقي لنا التحدي الجديد والأصعب وهو القضاء على الأمية المعرفية، وهي ربما أخطر من أمية الكتابة، لأنها تمس الذائقة، ويمكن أن توقف نمو العقل، وتنال من الوعي، ولكي ننهض بالقراءة وتشجيع تداول الكتاب لا بد من الحرص على سلامة اللغة، والسعي إلى الطباعة، والترجمة، فإنها هي أهم مقومات التواصل مع الكتاب في أي زمان ومكان.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب