Tuesday 29/04/2014 Issue 15188 الثلاثاء 29 جمادى الآخرة 1435 العدد
29-04-2014

ملتقى القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا .. رؤى وانطباعات 2-3

في الملتقى الذي حدثتكم عنه، ولكي لا يتوتر - فنحن نكنّ له الكثير من الامتنان ونشكر عواطفه الجياشة وإخلاصه المهني - فاسمه ( ملتقى القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا في السعودية). وفي المقال السابق كنت حريصا على أن ألا أكون مجرد صحفي يكتب الخبر ويضيف إليه من عنده بعض المقبّلات ليرضى عنه الذين إذا رضوا أقبلت عليهم الدنيا. ولكنني رجل لا أضع اعتبارات أمام كتابتي عدا احترام الدين الإسلامي وعدم اللهو بالناس فتلك يعاقب الله عليها و أظنني

- ولست أزكّي نفسي - لم أخطّ نصا يحمل بين جنباته ما يجرح الإيمان أو يدعو للرذيلة أو يمجّد الأغنياء. ولكنني في هذا المقال سأتحدث عن أروع مفاجآت هذا الملتقى. عن الدكتورة (كوثر القاضي) والكاتبة الشابة (منى الشمري).

إن الكتابة في وطننا بخير. وكنت أتمنى أن يواكب هذه الجلسة الأخيرة ما يليق بها من حفاوة . خاصة و قد مرّت بصمت مثل صمت القبور. ولن أدعَكم تخمنون السبب. فما التخمين سوى ضرب من التنجيم الذي يمارسه العامة في الوقت الذي يشتمون فيه المنجمين الذين يظهرون على التلفزيون ويعتبرونهم (كفّارا)!. فالسبب أن مقدم الندوة أو (عريف الحفل) كان من الإخوة ( ولا أقول: الإخوان) المصريين الذين يجيدون التعاطي مع كل مجتمع وهو حينما أعطى الكلمة للدكتورة (كوثر القاضي) كان يرفع يده و يشير بأصبعين قائلا ( ولكن في عشر دقائق فقط! نعم. عشر دقائق!) مما جعل الدكتورة تصاب بخيبة أمل انعكست على ملامحها وعلى صوتها الذي صار ناحلا وموقفها أمام جمهور ليس تافها و لا غبيا، لأن جمهور الثقافة هو الجمهور المتلقي المبدع.

و حين بدأت الدكتورة كوثر اكتشفت أن ورقتها كانت عن مجموعتي الأولى التي سميتها (أحزان عشبة برية) وصدرت عام 1980 م أي قبل أربعة وثلاثين عاما. وكانت قد استعادت روح الأستاذة وبدأت ترفع نبرتها وأعترف أن قراءتها كانت أفضل قراءة لمجموعتي منذ صدورها رغم أن كثيرا من الزملاء والنقاد قد كتبوا عنها ما أعجز عن شكرهم على حسن ظنهم وقدرتهم على التعامل مع النصوص الجديدة بروح تؤازرها و تشكرها وتتمنى لها الموفقية .

الدكتورة كوثر كانت مدهشة وقراءتها ليست مجانية، بل لقد أشارت إلى نقاط ضعف بقدر ما أشادت بتجربة نوعية في الكتابة السعودية .

ومن انفعالي صعدت الى غرفتي وكان فيها ملحق (الثقافية) المميّز الذي يصدر عن جريدة الجزيرة الغراء وكان فيها قصة لي لم أكن مستعدا لنشرها بسبب كمّ التحديث الذي احتوته. وناديتها بحياء فقد كانت محاطة بالنساء يادكتورة (كوثر) وسمعتني بصعوبة فقدمت لها

وأما الزميلة (منى الشمري) فقد وفقها الله لحسن الاختيار. فقرأت نقديا مجمل حراك القصة السعودية ولم تهرب من تسمية الذين وقفوا صخرة عثرة في طريقنا آنذاك وكان على رأسهم المرحوم ( محمد علي مليباري )وهو يكتب شيئا يظنه من الثقافة و (يؤدلج) الحركة الإبداعية من وجهة نظر تقليدية أقلّ ما نقول عنها أنها لم تنطل ِ على أحد. ومضت كوكبة القاصين الجدد - وكنت منهم - تشارك بفاعلية أكثر وأذكر منهم الأساتذة: حسين علي حسين وعبدالله باخشوين وعبدالله السالمي وسباعي عثمان ومحمد علوان و سليمان سندي واسماعيل كتكت وآخرين أخشى من ذاكرتي الخائنة أن يظنوا أنني أغفلت ذكرهم لشيء في نفس (يعقوب).

وكان من الجماليات التي تتواجد ولكن في غير ملتقى - في عشر دقائق فقط -

الصديق الأستاذ (جبير المليحان) مؤسس (منتدى القصة العربية) الشهير الذي ضمن للقاصين الذين لا يزالون تحت مستوى ثقة المحررين الثقافيين. وقد رأيت جبير المليحان فتى ً يافعا. لم يزل - وسيظل بحول الله - يملك القدرة على أن يكون خلاّقا و فنانا بكل ما تحمله الصفتان من معنى.

وقد أسعدني شخصيا أن منظمي الملتقى لم يستثنوا كاتبا بسبب خلافهم معه في وجهات النظر. وهذا وحده يكفي لأن نصف الملتقى بكل ما نعرف من مرادفات الجمال، وليس لأننا نختلف فإنه من الضروري أن نكون (أعداء)!، فلا الدين و لا الواقع المعاش ولا التقاليد الأصيلة ولا ضرورة كونك كاتبا تبرر أن تكون من هواة جمع (الأعداء) على وزن هواة جمع الطوابع.

يبقى اسم أجّلته لأستشف كيف تفسرون علاقاتي مع الكتاب، إنه الأستاذ (محمد المنصور الشقحاء) رئيس نادي الطائف الأدبي منذ أسس والكاتب الذي لا يتستر على أخطاء الآخرين والذي لم تؤثر عليه الكتابات السلبية التي كتبها عنه بعض ممن لم يقرأوا له و لا لغيره. وهم كثيرون وابتليت بهم صحفنا بل وصار بعضها يبحث عن مثل هؤلاء لينأى بنفسه عن مساءلات الرقباء من الرسميين ومن المتطوعين الذين لو تطوعوا في الإسعاف أو الجمعيات الخيرية أو المستوصفات التي لا تخضع لرقابة حكومية.

أسجل في نهاية هذا المقال اعتذاري نيابة عن الذين جعلوا ليلة وداع الملتقى شيئا أساء كثيرا للدكتورة (كوثر القاضي) وأدعوها أن تخرج من إطار المشاركات الجامعية إلى فضاء الثقافة الواسع المتمثل في الصحف والفضائيات و الأخير والذي لا يكفيه منا شيء يسير ألا وهو عالم الإنترنت.

hjarallah@yahoo.com - alhomaidjarallah@gmail.com

www.jarrallah.com - حائل

مقالات أخرى للكاتب