Friday 02/05/2014 Issue 15191 الجمعة 03 رجب 1435 العدد
02-05-2014

(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)

المدافعة سنّة الله في خلقة، وقانونه الثابت والدائم على هذه الأرض، ومع أننا ندرك حقيقية هذه السنة فيما نشاهده ونراه فضلاً عمّا نقرأه في صفحات التاريخ ونسمع عنه إلا أن الله عزَّ وجلَّ أخبرنا عن هذه السنة الربانية الخالدة، وبيّن لنا الحكمة منها، ليس هذا فحسب، بل أمرنا بأن نعرف عدونا الذي ستكون المنازلة معه، وأن نعد ما استطعنا من قوة وعتاد ليوم المواجهة الذي نٌهينا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتمناه وعلينا الصبر حين يحل.

إن استعراض القوة السعودية في مناورات «سيف عبد الله» والتي شرّفت برعاية سمو ولي العهد يوم الثلاثاء الماضي رسالة مباشرة للعدو أياً كان، كما أنها في ذات الوقت تشعر المواطن بالطمأنينة وتحقق له الراحة والسكينة وتسكت الطابور الخامس الذي ديدنه التشكيك والتشويه وبث الرعب في النفوس.

لقد دار حديث طويل ذات مساء جميل بين جمع من المثقفين والكتّاب السعوديين في بيت أحد الأصدقاء وكان محوره الأساس هذا الموضوع بالذات، إذ إن الغالبية منا كنا نتحدث عن إيران على وجه الخصوص بأنها دولة قوية متسلحة ومستعدة للمنازلة والقتال، بل تسعى إلى جرِّ المنطقة لساعة الصفر حتى تحقق حلمها الذي يداعب مخيلة قادتها وشعوبها والواقفين معها المنضوين تحت رايتها والداعمين والمناصرين لها سواء أكانوا حكومات أو أفراداً ومنظمات، وكان القلة من الموجودين وعلى رأسهم رجل إستراتيجي خبير يختلفون معنا في هذه النظرة ويسوقون البراهين والأدلة التي تؤكّد على ما تتمتع به بلادنا حماها الله من قوة عسكرية تفوق بكثير ما لدى العدو، ولكننا لا نعلم عنها مع جزمهم بأن كثيراً من دول العالم ذات التماس معنا سواء أكانت إيران أو غيرها يعلمون جيداً من نحن وماذا نملك من عدة وعتاد، وفي المقابل كان هذا الفريق يشكك كثيراً فيما لدى الإيرانيين ويسم أسلحتهم بالقديمة التي تجاوزها الزمن وربما تحتاج إلى إعادة إصلاح وتأهيل.

مثل هذا الاختلاف جزماً وقع في كثير من منتدياتنا ومجالسنا العامة منها والخاصة سواء أكان الموجودون من شريحة المثقفين أو حتى أنصافهم والعامة، والسبب أننا بصدق كنا لا نعلم عن ترساناتنا العسكرية ما يجعلنا نضع أنفسنا في وضعها الذي تستحق، وهو ما أظهرته مناورات «سيف عبد الله» منتصف الأسبوع الماضي، ومحت من الذهنية تلك التساؤلات المتراكمة وسيل الظنون التي هي من البعض الواقع في دائرة «الإثم».

إن ما نحن به من أمن واستقرار نعمة عظيمة منّ بها علينا وجاد وتفضّل ربنا سبحانه وتعالى، وقام على أمرها وحمى حياضها ودافع عنها قادة أشاوس وولاة أمر أقوياء، ومن خلفهم جنود وطن أبطال وأمناء، والواجب على كل مواطن يقطن هذه الأرض ويحمل جنسية بلادي أن يشكر الله عزَّ وجلَّ على هذه النعمة، وأن يثمّن للدوحة المباركة ولرجال الأمن ما يبذلونه من جهود من أجل أن ننعم بالاستقرار ونتقلّب في مواطن الرزق بلا خوف أو وجل، كما أن من الواجب عليه في ذات الوقت ألّا يغيب عنه أن هناك من يحسدنا على ما نحن فيه ويتمنى زوال الأمن في المملكة العربية السعودية، وربما كان لهذا الحاسد من بني جلدتنا ومن يعيش معنا أبواق ومؤيدون لا يملكون شيئاً ولا يهدفون لشيء ولا يعلمون عن شيء سوى الهدم والنقض فيحذرهم ولا يستمع لهم وإن استطاع أن يُسكت صوتهم ويرد عليهم فهذا واجب وطني ومسئولية مجتمعية تقع على عاتق كل منا بلا استثناء.

إن المرحلة التي نمر بها تحتاج إلى الثقة بالنفس، وتكاتف الجهود، وبذل الجهد، وإظهار القوة، والذب عن السمعة، وإسكات الصوت النشاز، ومتى كنا صفاً واحداً خلف قادتنا، وقرأنا سير الأحداث جيداً، وعرفنا موطئ الأقدام قبل أن نخطو نحو الأمام أو نرجع خطوة للخلف لا سمح الله.. متى كنا ملتزمين بديننا، محافظين على لحمتنا الوطنية، مفتخرين بمنجزاتنا، ساعين لتحقيق المزيد، باذلين الجهد لتعزيز التنمية المستدامة في مناطق بلادنا الغالية. .متى كان ذلك منا فإننا سنظل بإذن الله ننعم بما نحن فيه، بل مع شكر الله عليه سوف يتحقق لنا المزيد، فهذا هو وعد الله الذي لا يتحول ولا يتبدل (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)، حفظ الله بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، ووقانا جميعاً شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، ودمتم عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب