Friday 02/05/2014 Issue 15191 الجمعة 03 رجب 1435 العدد
02-05-2014

الانتخابات العربية

تنشط معظم الدول العربية هذه الأيام بإجراء انتخاباتها الرئاسية والبرلمانية، ويمتد ذلك الشريط الانتخابي من الغرب إلى الشرق، وهي انتخابات على النمط الغربي المألوف، لكن في بيئات اجتماعية تختلف عن تلك الدول القاطنة في الغرب أو المتناثرة في الشرق غير العربي، أو حتى تلك القابعة في جنوب الصحراء الكبرى.

البعض قد يرى أن تلك الانتخابات بلا استثناء مسبقة الصنع، ومعلومة النتيجة ويطرح مبرراته في ذلك، التي يستوحيها من الماضي، أو من استقراء الواقع، وكأنها عادة مألوفة، ووسيلة مقبولة، لاستمرار المتربعين على الكرسي الوثير، وقد ظهرت بعض نتائج تلك الانتخابات موافقة لما توقعه البعض، وربما تظهر النتائج القادمة مزيداً من صحة توقع ذلك البعض، أو قد تخالف توقعاتهم، وإن كان ذلك البعض متيقناً من صحه توقعاته.

أسلوب الحكم في أي دولة، لا بد أن ينبع من ثقافة مجتمعها، واختيار الأنسب لها لتحقيق الأمن، والاستقرار، والنمو الاقتصادي، وتطوير ما هو موجود مع الوقت وتهذيبه بما يتوافق مع المتغيرات الثقافية لدى أي مجتمع.

المطلب الرئيس لأي مجتمع هو تحقيق العدالة، والاستقرار، والنمو الاقتصادي، والتمتع بالخدمات الجيدة، التي تتناسب مع قدرات أي مجتمع كان، وهذا المطلب مجمع عليه من كافة المجتمعات، سوى المتطرفين هنا وهناك، الذين لا يطمحون في الاستقرار والعيش الرغيد، وإنما يبحثون عن فرض أفكارهم بكل ما يستطيعون من وسائل دمار متاحة.

وللوصول إلى الغاية، فإن بعض الدول تستنسخ نمطاً معيناً من دول أخرى دون دراسة لواقع مجتمعاتها، وتوهم نفسها أنها قادرة على التعافي سياسياً واقتصادياً من خلال ذلك الاستنساخ، وكلنا نعلم أن هناك بوناً شاسعاً بين النظرية والقدرة على التطبيق، وتقبل المجتمعات لأي نمط لا يتناسب مع مفاهيم المجتمع.

هناك دول صاغت النمط الديمقراطي المتعارف عليه بما يناسب تكوينها الاجتماعي كما هو الحال في سنغافورا وحتى المملكة المغربية الشقيقة، كما أن هناك دولاً يحكمها حزب بعينه كما هو حال الصين، لكنها غيرت من الإجراءات داخل الحزب بما يتناسب مع تغير ثقافة المجتمع، وأصبح يتم الاختيار طبقاً لأعراف وقوانين حزبيه جديدة، أرست قواعد ثابتة لقيام الحزب بمهامه، رغم ذلك التغير الكبير في الحياة الاقتصادية الصينية، وارتفاع دخل الفرد، وولوج قنوات التواصل الاجتماعي، وكذلك تدافع المؤشرات الخارجية الإيجابية منها والسلبية.

قد يتساءل البعض عن مدى ملاءمة النمط الغربي في ديمقراطيته للمجتمعات العربية، بتباينها البسيط فيما بينها، وربما يختلفون حول مساحة تلك الملائمة، لكن الثابت أن معظم المجتمعات العربية، قد تكون أكثر حظاً للوصول إلى الاستقرار في وجود استمرار الحكم وثباته، دون النزوع إلى التغيرات العنيفة، وغير محسوبة العواقب.

لقد أجريت وتجري وستجرى انتخابات عربية، ولكل منها لباسها الخاص، ومبررات قادتها للبقاء في القيادة، منها ما هو أمني، ومنها ما هو اقتصادي، لكنها في النهاية تحيل ذلك إلى رأي الشعب، الذي يرى البعض أنه سوف يصاغ بما يتوافق مع سنة حب البقاء.

الأسد هو آخر من رشح نفسه للانتخابات، والجميع يعلم أن ما يحدث في سوريا أمر لا يطيقه عقل ولا يقبله منصف، مع تكسيره للأرقام القياسية في مخالفة القوانين الدولية، والأعراف الإنسانية.

وكان البعض يقول، طالما أن الغرب يريد ديمقراطية تتمشى مع ما يشتهي، فهناك من هو قادر على تصميم وتنفيذ ذلك الأمر، ليشبع رغبة المطالبين بالديمقراطية الغربية، مع بقاء الأمور على حالها أو جرها إلى أسوأ من حاضرها.

مقالات أخرى للكاتب