Friday 16/05/2014 Issue 15205 الجمعة 17 رجب 1435 العدد
16-05-2014

ضعف أمريكا وقوة إيران؟

سنة الله في خلقه وسنة الحياة لا يبقى على حال واحد إلا رب العباد. نتفكر ونتدبر وننظر إلى ما نراه من تغيير في الحياة اليومية والشهرية والسنوية بل في الثواني والدقائق. إن من يمد الله في عمره عقودا يرى التغيير في نفسه فهو يعود إلى أرذل العمر. يرى التغيير إلى الأحسن في جوانب عديدة في حياته الخاصة وفي مجتمعه والعالم.

وقد يبهر بذلك ويرى التغيير إلى الأسوأ في أمور أخرى قد تكون كثيرة فيبتئس ويتذمر، وقد يقف هو والمجتمع صغر ذلك المجتمع أو كبر أمام كثير منها عاجزا لا يملك التغيير والتحسين والتعديل لتشابك أدوات التغيير وتنافر الرؤى حول تعديلها وتحسينها أو تجنب تبعاتها التي قد تكون خطرة أو تنذر بسوء.

لنا عبرة في من عاش قبلنا من أمم سادت ثم بادت، ولا يزال الأمر نفسه يزحف على الأمم. حضارات الإغريق الرومان والفراعنة والبابليين والأشوريين والسومريين والحضارة الإسلامية لم يبق منها إلا آثار وأطلال للبعض منها وأتباع لبعضها الآخر كما هو الحال بالنسبة للحضارة الإسلامية التي عجز أهلها رغم كثرة عددهم عن إحياء دورها رغم أنه ممكن. ولنا في انتفاضة التنين الصيني درس وعبرة في القدرة على العودة والنهوض.

لو نظرنا إلى بريطانيا العظمى التي كانت لا تغيب عن أرضها الشمس كيف أصبحت، لا تكاد تشرق عليها الشمس ليس بسبب غيومها الكثيفة ولكن لتراجع قوتها وفقدان قدراتها على السيطرة وبسط النفوذ على مستعمراتها. ولا ننسى هولندا والبرتغال وكذا اسبانيا التي تقاسمت السيطرة مع بريطانيا على دول أمريكا الجنوبية والوسطى وجزء من أمريكا حتى اشترت منها ولايات وطردت من ولايات .

يقيض الله للأمم ملهمين وقادة قادرين على النهوض بها وقيادتها إلى الأفضل. انظر إلى الولايات المتحدة التي كانت مقسمة كمستوطنات لإسبانيا وفرنسا وألمانيا وبالذات بريطانيا كيف استفاقت وتمردت على بريطانيا وأعلنت استقلالها على ما أعتقد في عام 1776م. تنازع البريطانيون مع الفرنسيين . طردت الفرنسيين واشترت من الإسبان ولايات،وأخذت منها ولايات بالقوة واشترت الألسكا أكبر ولايات أمريكا من روسيا بثمن بخس حيث فرط فيها الروس باعتبارها كرة ثلج في نظرهم وأصبحت بعد الشراء والظم دولة واحدة تحت مسمى الولايات المتحدة. أصبحت دولة منفتحة متسامحة قابلة للتعايش بأجناس وألوان وثقافات ولغات. فحق لهم أن يسموها البوتقة المنصهرة، بهذا التسامح والإصرار على أن يكون لهذه الولايات والتجمعات الإنسانية مكانة ومنزلة بين الشعوب. تم ما أراده ذلك الشعب. نمت قدرة الولايات المتحدة منذ استقلالها لتصبح أقوى دولة في العالم اقتصاديا وعسكريا وسياسيا. ولكن الحفاظ على البقاء في القمة أصعب من الوصول إليها، كثرت القمم بل بدأت ترتفع عن قمة أمريكا أو هي على الأقل مرشحة بشكل كبير لأن تصبح أعلى من قمة أمريكا. الصين الهند اليابان نمور آسيا. لم يعد لأمريكا ذلك الصوت المسموع لدى كثير من الدول حلفاؤها الذين يستظلون بهيبتها ويستنجدون بها عند الملمات ولهم علاقات قوية بها، بدؤوا يشككون في قدرتها ويتخوفون عن تخليها عنهم وهو أمر محتمل وحدث لشاه إيران وحسني مبارك. ضعف أمريكا في التعامل مع كوريا الشمالية بارز وظاهر ولم تحقق أمريكا أي نجاحات في مفاوضاتها مع كوريا الشمالية. وهاهي تجري التجارب النووية والصواريخ البالستية وتهدد الساحل الغربي لأمريكا كما تهدد كوريا واليابان. وآخر تصريحات أوباما القول لكوريا الشمالية لن تستفيد من هذه التجربة النووية الرابعة، وبأنها ستصبح أكثر عزلة من دول العالم.

إن مفاوضات أمريكا وإصرارها على إيران ونشاطها النووي لم تكن لتفعله لوحدها بل استنجدت بالأوربيين. ورغم ذلك لا زالت الصعوبات جمة رغم المفاوضات والتفاهمات وستتمرد طهران كما تمردت كوريا، وهناك توقع بأن إيران على وشك إنتاج سلاح نووي.

كان ينظر إلى أمريكا على أنها تساعد الدول على الاستقلال والديمقراطية وتتدخل بشكل يحترمها الشعوب معها. وقد يكون هذا الانطباع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. طلبت جلاء بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني عن مصر بعد العدوان الثلاثي عليها. وقوفها في وجه انتشار الشيوعية ومحاولة نشر الديمقراطية في جنوب شرق آسيا والتدخل في فيتنام. إلا أنها في العقدين الآخرين بدأت في تقسيم الدول وخلق الفوضى. احتلت الدور الذي كانت تلعبه بريطانيا من أجل إضعاف مستعمراتها وخلق مشاكل فيها كما فعلت في فلسطين وجنوب السودان وكشمير التي سميت بعقادة العقد. وهكذا ما سيئول إليه الحال بأمريكا التي لم تتدخل بقواتها في بلد خلال العقدين الأخيرين إلا قسمته. للنظر ليوغسلافيا وتقسيمها والعراق وما يدور فيه من تدمير وتقسيم بفضل تدخل أمريكا، أصبح العراق مرتعا للضباع والسباع والبوم والغراب. ليبيا مثال آخر وما حل بها وأفغانستان وما أصبحت عليه من خراب ودمار، وكذا باكستان والفتنة المشتعلة بها والصومال وخرابه وتقسيمه.ولا ننسى السودان التي هي وراء تقسيمه وما يدور فيه والحبل على الجرار.

إيران من جانب آخر خرجت مهزومة في حربها مع العراق لكنها لم تقف مكتوفة الأيدي. كان تأثير الهزيمة إيجابيا عليها بدأت عجلة التصنيع الشاملة تدور. أعتقد أنها أصبحت العاشرة في إنتاج السيارات (4000.000) أربعة ملايين سيارة. تقنية النانو برزت فيها. تصنيع السلاح بأنواع كثيرة.

وهي بلا شك تتهيأ لصنع سلاح نووي، لم تتخل إيران عن فارسيتها ولم تنس هزيمتها كحضارة فارسية في بداية عصر الإسلام مما اعتبرته بدوا دون حضارة، ولم تنس هزيمتها في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين، تعد القوة سياسيا واقتصاديا وعسكريا تحاور وتناور وتعرف كيف تكسب الوقت. جعلت الغرب يحترمها بمرارة وغصة خضع لكثير من مطالبها وسيخضع وسيتبع الغرب مصالحه، إنها تتدخل في العراق بشكل واضح وصريح واعترفت بتدخلها في سوريا وبأنها أرسلت خبراء. تدخلت في لبنان جهارا ظهارا لأنها أصبحت تملك القوة دون خشية من أحد بما في ذلك أمريكا الضعيفة.

Dr.abdullahalzahrani@yahoo.com

مقالات أخرى للكاتب