Monday 02/06/2014 Issue 15222 الأثنين 04 شعبان 1435 العدد
02-06-2014

على وين .. يا الحبيب؟

على وين؟ أو إلى أين هذا الصيف؟ المهم أن هذا السؤال يتفاعل هذه الأيام ويضطرم بنار الشوق إلى الفرار نحو أي مكان بعيد أو قريب، بعد عناء نحو عام من الدأب والسهر والمدارس وضغوط العمل، وما إلى ذلك من مثبطات يومية، ومرهقات وطلبات، وزحام وانتظار.

فمن يُدَوْزِنُ نغمة الدهشة هنا: «على وين يا الحبيب؟» لا شك أنه مضطلع بمهام استكناه حجم المعضلة التي قد يمر فيها من يرغب السفر في فصل الصيف.. فعشرة أيام أو أسبوعين في السفر خارجياً كفيل بإزهاق المتوفر، وإرهاق الميزانية، والعودة من حيث أتى، محمل بدهشة هذا التعب والمعاناة التي تواجهه، ابتداء من تضاعف فواتير كل شيء طالما يرون سحنته مع هيئة من معه، وانتهاء بتعاظم أمنيته أن ليته لم يكن يوما ما ينعت بـ«الخليجي».. ذلك الإنسان الذي يتصوره الكثيرون ممن حوله أنه يتربع على كنز، وتترع أرصدته بملايين أو آلاف الريالات.

من يود السفر، أو من يزمع السياحة تواجهه معضلة تغير الأسعار وارتفاعها في دول محيطة في عالمنا، أو حتى دول شرق آسيا، أما الغرب فإنه قد لا يعبأ بكونك من الخليج العربي أو من الأوسطي أو الأقصى، إنما هي أسعارهم بطبيعتها مرتفعة أيضاً ومرهقة لهذه الأسر، أو من يريد السياحة أوربيا وهم قلة.

فإن كان المسافر هذه الأيام أعزبا فإن الأمر قد يكون مقدورا عليه، وربما باستطاعته تدبر أمره، والذهاب قدر المستطاع في رحلة لا تتضاعف فيها مصاعبه على نحو من هو بمعية أسرة، قد يعجز عن ترتيب سفرهم حتى وإن قيل -زعماً- أن هناك رحلات اقتصادية للأسر فإنها مجرد حبائل لهم لا أكثر ولا أقل.

أما رحلات العرسان في الصيف فإنها ممهورة بكلفة وفاتورة المصاريف العامة التي أطبقت عليهم، فلن يكونوا أحسن حالا من ممن سبقوهم في هذه التجربة، إلا أن هذا العام مميز في ارتفاع أسعار تكاليف الفسحة، إلا أنهم سيسعون مرغمين على اقتفاء إثر من سبقوهم في هذه الرحلات، ولا أجمل منه إلا من يتعظ ويعتبر بغيره ويذهب إلى مكان لا يكلفه كثيراً. نحن هنا نشدد على أن الفكرة في هذا الأمر هي عند هؤلاء الذين لا يستطيعون فعل ذلك ومع هذا يعاندون ويغامرون في تجشم عناء السفر، أما من هم أقوياء مادياً فليسوا معنيين بهذه النصيحة، ولو من قبيل السؤال المحوري عن سفر محتمل: على وين يا الحبيب؟!

وما أن تصوب اهتمامك نحو الفُسَح الداخلية -لا أقول السياحة- نظرا لانعدام مكوناتها وعناصرها عند بعض الجولات العائلية التي تتسم بالتعب، والمشقة وفيها تكاليف هائلة، إلا أنها رغبة حثيثة ومقصودة من أجل الخروج ومفارقة عوالم هذا الصيف الذي بات تدريجياً يطبق على الأنفاس.

ومن طرائف أسفارنا أننا لا نتخلى عن كل روتين حياتنا، وهذا ما يؤكد أنها جولة أو رحلة ولا نقول عنها سياحة، فحينما نصر على نقل روتيننا المعتاد على سبيل المثال عادة الأكل والشرب، فإننا لا نستغني عن حمل مكونات «الكبسة» بين أمتعتنا، وهناك من يقول إنها إذا قدمت لنا في الخارج يكون مبالغاً فيها، وهي لا تعدو كونها حفنة من الأرز وقليل من الخضار وقطع من اللحم لكنها بأسعار مكلفة، وربما يأتي إعدادها سهلا وهناك من يضع كيس الأرز في حقائبه مع التمر والقهوة والهيل، أو يحمل «صندوق المعاميل» في كل رحلة وكأنه ذاهب للأكل لا للفسحة أو السياحة!

ومن أقسى ما يواجهنا في سياحة صيفنا أننا نذهب للفرجة والاستطلاع بلا استمتاع، أي أننا مشغولون بتفاصيل يومنا، ولا ننسى أو نغفل عن أي منغص محتمل في رحلاتنا، على عكس من حولنا من مصطافين وسياح، حينما ينغمسون بهدوئهم وسكينتهم، ويتأملون في كل ما حوله من بشر وطبيعة وجماد!

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب