Friday 06/06/2014 Issue 15226 الجمعة 08 شعبان 1435 العدد
06-06-2014

«رافع الجبيري»، ومفارقة الثلاثاء..!!

شهد يوم الثلاثاء الماضي موقفين أحدهما في الرياض عندما ألقى «رافع الجبيري» نفسه على قدمي والده وهو في كامل هيئته العسكرية في حفل تخرجه ضمن ضباط الأمن الداخلي في كلية الملك فهد الأمنية...، وفرحة نجاحه.. لم تمنعه هيبة الموقف، والرتبة العسكرية التي تتوج كتفيه من أن يكون الابن البار يخفض جناح الذل لوالده من الرحمة به، والطاعة لله فيه، وهو منكفئ على قدمي أبيه يقبلها شكرا..

موقف صبغ بالحب، والاعتراف بالجميل، والولاء لله تعالى بطاعته في بر الوالدين..

فيما في اليوم نفسه يرحل من جازان ابن عاق ليلاقي زوجته في تبوك بعد أن ألقى بأمه المسنة في الشارع وحيدة خائفة، لتتلقاها دوريات الأمن وهي تائهة حائرة في خيبة فجيعتها بابنها العاق...!!

رماها في غربة العقوق القاسية بلا رحمة، ولا حس، ولا خشية من الله تعالى..

هذان المشهدان: البر، والعقوق هما مؤشران إلى خيرية المجتمع، وإلى خلله في آن..

إن الواقعتين ليستا الفريدتين اللتين تناقلتهما وسائل ووسائط الإعلام، والتواصل، بعد أن باتت كل حركة للإنسان على مرأى العين، ومسمع الأذن.. بل باتت أشكالهما تتوالى، على أن مواقف البر تندر، وتقل لكنها لا تنعدم في ضوء استشراء مواقف العقوق..

المفارقة المدهشة أنهما حدثتا في يوم واحد.. لمزيد كشف عن وجهي العملة في فوارق الأخلاق..!

وإن كانت الوقائع الدالة على الخلل الذي يعتري كثيرا من شرائح المجتمع في علاقات الأفراد كثيرة، وأشدها إيلاما تلك التي ترتبط بالوالدين، فهناك من يعتدي عليهما، ومن يهينهما، ومن يقصر في حقهما، ومن يحجم عن مساعدتهما، وتولي أمرهما.. ومن يضيق بقربهما ويتذمر دون الصبر على رفقتهما، مع أنها الرفقة المفضية للجنة، وقد نسوا أن دخولها مرهون برضاهما الذي هو طاعة الله فيهما.. إذ غلبتهم فتن الدنيا على المنتَظَر لهم في الآخرة.. واستحوذ عليهم التفكير في أنفسهم عن الإحساس بوالديهم.. حتى أن هناك من يقتلهما..!

ثم، ألا تُحدث هاتان الواقعتان أمرا في تفكير المجتمع، فتحرك عزيمة الإصلاح..؟

مؤسف ما حدث من سلوك العاق الذي شرد أمه في الشوارع، وتركها وحيدة بلا مأوى..وذهب يركض وراء مصالحه.. وهي الأولى، والأحق، والأوجب عن النفس، والزوجة، والولد..

إنني أحسب أنه لن يُترك دون عقاب من الجهات المسؤولة ليكون عبرة ..

أما «رافع الجبيري» فتحية له أنموذجا للبر، والخلق، بل الإيمان ..

يستحق التقدير والتقديم والتكريم لأنه أنموذج أبيض للبر..

بارك الله له في نعم الله عليه، وبارك لوالديه فيه، وثبته ووفقه..

فهذا هو الأمين المؤتمن بما تحلى، ويتحلى به علما، ودينا، وأخلاقا، وطاعة، وبرا..

وستسعد به مواقع عمله، وسيسعد به صحبه، وأهله، ومجتمعه..

ألا ليت وزارة التربية والتعليم تضعه أنموذجا للبر في محتوى مناهجها للناشئة..

إنه أهل لهذا..

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب