Tuesday 17/06/2014 Issue 15237 الثلاثاء 19 شعبان 1435 العدد
17-06-2014

فشل فكر السيطرة

الرغبة العارمة في السيطرة والاستحواذ، يمكن أن يصنفه البعض تحت الأمراض النفسية، لأنه سلوك غير سوي، وينبع من نفس مضطربة، أنانية، عقيمة، فقيرة، ناقمة، الأمر الذي يجعل السيطرة والاستحواذ حلا يجعلها فوق الكل وتعوض النقص الذي يرافقها في حركاتها وسكناتها.

الذين سيطروا على ممتلكات الآخرين، أو سيطروا على عقولهم، أو سيطروا على حياتهم، لا يلبثوا إلا أن يسقطوا من علو، لأن الحرية لا تموت ولا تهادن الأقوياء، والإنسان يظل إنسانا طالما يعمل ما يعن له، أو يعمل وفقا لقانون واضح المعالم، ولا يصبح إنسانا طالما يعيش في خوف من الآخرين.

لن تكون محبوبا إلا إذا منحت الحرية للآخرين، وستكون في قمة السمعة السيئة إذا سعيت أن تسيطر على كل شيء، وتزداد السمعة سوءا إذا اتخذت طرقا غير مشروعة سبيلا لذلك.

هتلر والقذافي وصدام أمثلة على فشل فكر السيطرة الشمولية، وشاهدهم العالم كيف سقطوا من مشارف قصورهم إلى الوحل، بلا رحمة ولا هوادة ولا رأفة، وهذا السيناريو لا يقتصر على السياسة فحسب، بل ينسحب على كل المجالات: في الإدارة، وفي الاقتصاد، وفي الفنون، وفي الصناعة... إلخ.

ومع كل الشواهد التي تؤكد أن فكرة (الاستحواذ) وما يتبعها من أنانية وصراع وفساد، إلا أنها لدى البعض تمثل فكرة (إستراتيجية) لا يحيد عنها مهما كانت النتائج، بالشكل الذي تجعله علامة (سيئة) على مر التاريخ، لا يعرف إلا بها ولا يذكر إلا بها، لأن الناس -كل الناس- يرفضون التجاهل ويرفضون الإقصاء، ويرفضون الدكتاتورية.

وانتشار فكر السيطرة والاستحواذ والأنانية والاحتكار في أوساط المجتمع، هو نذير شؤم على المستويات كافة، ولا يبشر بخير، فهو لا يقل فتكا من الأمراض الوبائية، لأنه يعطل الإنتاج ويعطل التنمية ويعطل بناء الإنسان، ويعطل بروز مواهب جدد، ويؤخر المنجزات، ويجعل الثمار في سلة واحدة، في حين لا شيء لبقية الناس.

nlp1975@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب