Saturday 21/06/2014 Issue 15241 السبت 23 شعبان 1435 العدد
21-06-2014

للتخلض من الإرهاب يجب التخلص من المالكي أولاً

من يكتشف خطأً ارتكبه عليه واجب إصلاحه، هكذا يقول المنطق، وهذا ما يكون عليه الإنصاف. والولايات المتحدة الأمريكية تأكدت الآن تماماً من أن دعمها لنوري المالكي كان واحداً من أكثر الأخطاء فداحة في العراق، فهذه الدولة التي جيشت الجيوش وخسرت بلايين الدولارات وآلاف الشباب الأمريكي لنشر الديمقراطية في العراق -على حد قولها- انتهت إلى نقل العراق من كتف دكتاتور إلى دكتاتور آخر، وبعد أن ساعدت على نشر الطائفية في العراق عبر السماح لدعاتها بالهيمنة والسيطرة على زمام الأمور والسلطة، وتركت لمليشيات إيران الطائفية التمدد والهيمنة على هذا البلد العربي الذي أصبح محتلاً من قبل نظام يحكم بأساليب القرون الوسطى، ففي مفارقة سياسية وإستراتيجية تتوافق واشنطن وطهران في دعم التطرف الطائفي الذي يقوده نوري المالكي والذي حظي بدعم مزدوج من الأمريكيين والإيرانيين معاً. وإذا كان معروفاً عمالة وانتهاج المالكي للمسار الطائفي الذي تعمل إيران على فرضه على دول المنطقة، فإن الذي يثير الحيرة هو دعم الأمريكيين لهذا الشخص الذي فقد أية أهلية تجعله قادراً على أن يكون متوازناً، وأن يحكم بلداً دمرته الفتنة الطائفية التي نشرها وأجج أوزارها، من خلال تعمده إقصاء وتهميش الكتلة المذهبية الموازية الأخرى لكتلته المذهبية.

الأمريكيون يعرفون حقيقة نوري المالكي، وقد حددت أجهزة الاستخبارات الأمريكية مواقفه بدقة، وحذر القادة العسكريون وآخرهم الجنرال باتيروس من طائفية وتطرف المالكي، إلا أن عداء الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش وخلفه أوباما للمقاومة العراقية التي يقودها السنة، جعلهم يعتقدون أنهم وعبر المالكي يمكنهم القضاء على هذه المقاومة الوطنية. وبما أن المالكي قد تمادى في قمعه للطائفة السنية وذهب بعيداً، وبعيداً جداً في إقصاء وإبعاد القيادات السنية، فقد حوَّل جميع أهل السنة إلى أعداء للعملية السياسية، وإلى الجهات الدولية التي تدعم هذه العملية، بما فيهم الأمريكيون والبريطانيون، بل وكل الدول الغربية التي أصبحت محرجة جداً بعد الأعمال التي يقوم بها نوري المالكي الذي لم يكتف بصنع الإرهاب ودفع القوى المعارضة إلى اللجوء إلى الأعمال العنيفة والعسكرية فحسب، بل لجأ هو إلى القيام بها من خلال نشر وتبني إنشاء العديد من المليشيات الإرهابية الطائفية، ظناً منه بأنه يستطيع عبر الإرهاب مواجهة الإرهاب الآخر. وهكذا تحولت العراق إلى ساحة تجمع للإرهابيين السنة والشيعة معاً، والمسؤول الأول عن ذلك هو نوري المالكي، ولذلك ولكي يواجه الإرهاب ويتم القضاء عليه لابد من التخلص من المالكي قبل كل شيء، وهو ما توصلت إليه القوى السياسية العراقية وخاصة في البيت الشيعي العراقي الذين ينتظرون من أمريكا أن تدعم عملهم هذا في مواجهة إيران التي تعمل بكل قواها إلى إبقاء رجلها في العراق.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب