Tuesday 01/07/2014 Issue 15251 الثلاثاء 03 رمضان 1435 العدد
01-07-2014

دولة الخلافة صورة أخرى من دولة المهدي

تقول الأنباء: إن حركة (داعش) أعلنت أخيراً إقامة (دولة الخلافة)، وحوَّلت دولتهم (دولة الشام والعراق الإسلامية) إلى (دولة الخلافة)، وسوف يبايعون (أبا بكر البغدادي) خليفة لهم.

وجاء في الإعلان، أن حيثيات إقامتها هي نصوص في كتب الحديث، رُويَت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، تُبشر بإقامتها.

يبدو أن دولة الخلافة، التي جاءت بعض الآثار تُبشر بها، ستكون مثل قصة (المهدي) الذي لا يخلو قرنٌ من القرون الماضية إلا ويخرج من يعلن أنه المهدي، أو ذلك الرجل الذي بشرّت به الأحاديث، وأنه من سيملأ الأرض عدلاً مثلما ملأت جوراً، ويطلب من الناس التصديق به، وأن يُبايعه المسلمون (قاطبة) في مشارق الأرض ومغاربها، لأن مواصفات المهدي كما وردت في الأحاديث تنطبق عليه.

وقد احتل الحرم المكي تواؤماً مع هذه الفكرة مجموعة مسلحين، أغلبهم سعوديون ومجموعة منهم عرب ومسلمون، في بدايات القرن الخامس عشر الهجري الحالي، أي قبل قرابة خمسٍ وثلاثين سنة، وقام من بينهم خطيب، وانتزع المايكروفون بعد أن انتهت صلاة فجر ذلك اليوم من إمام الحرم، وأعلن أن من بينهم رجلاً هو (المهدي) الذي جاءت النصوص النبوية الصحيحة تُبشر به، وليس على المصلين ومن بعدهم المسلمون قاطبة إلا بيعته، والاعتراف به، والإذعان له، ثم أغلقوا أبواب الحرم، وتحصنوا في كل أجزائه، وفي يقينهم أن من تصدى لهم ستُخسف به الأرض، لأن ثمة حديثاً آخر، تنبأ بهذه النهاية (الكارثية) لكل من حارب (دولة) المهدي بعد قيامها، وفي النتيجة قُتل مهديهم المزعوم، ومعه مجموعة من البسطاء والسذج من أنصاره ممن صدقوه، وانضموا إلى حركته، وفي المقابل قُتل أو جُرح كذلك مجموعة غير قليلة من رجال الأمن ومن الجيش الذين تصدوا لهؤلاء المُدعين البسطاء ومهديهم، ومن نجا من القتل قُبض عليه، وحُوكم وأُعدم بعضٌ ممن ثبت أنه حارب فعلياً منهم، وسجن من أعانهم ومهد لهم في تنفيذ جريمتهم، أو خرافتهم، وبعض هؤلاء ما زال حياً يُرزق حتى اليوم.

فكرة (دولة الخلافة) لا تقتصر على دولة البغدادي فحسب، وإنما تُبشر بها - أيضاً - أغلب الحركات (المتأسلمة) اليوم، وتدّعي أن من ضمن أهدافها البعيدة أن تقيم تلك الدولة على أنقاض الدولة (القطرية) من المحيط الأطلسي غرباً وحتى تخوم ماليزيا شرقاً؛ هذه الدولة المزعومة هي ودولة المهدي، أو كما يسميها الشيعة تماهياً مع تراثهم الفقهي (دولة المهدي المنتظر)، وجهان لعملة واحدة.

كما أن (دولة الخلافة)، أو (دولة المهدي)، الذي سيملاً الأرض عدلاً، هي ذاتها (فكرة المخلص) أو المُنجّي، أو المنقذ، أو المصلح، التي تشيع وتنتشر عندما يبلغ يأس الشعوب أوجَه، فينتظرون المعجزة، يأتي بها شخص وجيشٌ جرار لا يهزم، لينضموا إليه، ويخلصهم، ويعيد لهم مجداً تليداً فقدوه.

ومن المضحك - (حسب جريدة الوفد المصرية) - أن مستشاراً عربياً لدى الرئيس الأمريكي اسمه «محمد الإيباري» نشر تغريدة له على (تويتر) تقول: (إن دولة الخلافة الإسلامية قادمة لا محال)، مطالباً الإدارة الأمريكية: (باحتواء هذه الدولة لجعلها مثل الاتحاد الأوروبي).. تصوروا!

قال صاحبي وكنت أتجاذب وإياه أطراف الحديث بعد أن أعلن البغدادي دولة الخلافة: العرب لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يستوعبون ولا يُحللون ما يقرؤون، وإذا حللوا لم يتعظوا من تاريخهم ، لذلك يُلدغون من الجحر نفسه مرات ومرات، وإلا فما الذي يجعل حركة البغدادي ودولته المزعومة، تختلف عن (مهدينا) ودولته المزعومة، سواء في البواعث أو المبررات.

إلى اللقاء.

مقالات أخرى للكاتب