Wednesday 02/07/2014 Issue 15252 الاربعاء 04 رمضان 1435 العدد
02-07-2014

لنجد بديلاً عن تويتر

كتبت في الأسابيع الثلاثة الماضية عن، أهمية وضع إستراتيجية لتنمية المواطنة، وعن الاستبداد وأثره في هدم الأوطان، وعن الأدلجة كوسيلة لتمزيق المجتمعات المتجانسة، واليوم سأكتب عن موضوع آخر له علاقة بكل المواضيع التي سبق الإشارة لها، فهناك حقيقة أنثروبولجية تقول «إن أيما مجتمع شعر أفراده بفقدان التجانس حول مشترك واحد جامع، فإن المجتمع يتجزأ لمجموعات تتشكل حول مشتركات تجمعها في محاولة لحماية مصالحها وبقائها، ثم تصبح هذه المجموعات في حالة تفاوض وتشاحن وتنافس مستمر على السلطة والموارد، فإما أن تنفصل لمجتمعات مستقلة، أو تجد مشتركاً جامعاً يجانسها من جديد»، هذه الحقيقة تمثلت على واقع كثير من المجتمعات على مر العصور، وكانت سبباً في كثير من الحروب الأهلية المدمرة، ومع أن الشعور والتجزؤ الذي أصاب بعض المجتمعات السابقة أخذ وقتاً طويلاً ربما أكثر من مائة عام، إلا أن ما يحدث في المجتمعات المعاصرة ونتيجة لثورة الاتصالات والمعرفة بات لا يستغرق سوى بضع سنين.

مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي وسيادتها على كل وسيلة تفاعلية أخرى باتت هذه الشبكات هي مهد كل التجزؤات والتحزبات الاجتماعية وباتت هي ميدان الأدلجة وجمع الناس حول مشتركات شتى وتأسيس موقف مشعر بعدم التجانس حول مشترك واحد اسمه المواطنة، هذا هو واقع الحال في المجتمع المتواصل في موقع (تويتر) على سبيل المثال، فهو منقسم حول عدد من المواقف والمبادئ الاجتماعية والسياسية والدينية وحتى الاقتصادية، وبات المؤدلجون في تويتر نشطون في جمع المتابعين والأنصار حول أفكارهم واستنتاجاتهم، وبات المرتادون لتويتر من كل مجتمع يتفاوضون ويتشاحنون ويتنافسون حول تغليب تلك الأفكار ولو اقتضى الأمر بعض التزييف في شراء أسماء المتابعين الوهمية، ما يحدث في تويتر في عالمه الافتراضي سريعاً سينتقل للعالم الواقعي وذلك عندما يتحدد ويشتهر قادة الفئوية الاجتماعية، هذا الواقع التويتري لا يقابله على الواقع المعاش أي نشاطات أخرى تمنع من انتقاله من تويتر إلى واقعنا المعاش، فليس لدينا نظام يجرم البغضاء والكره والتشاحن الذي نستشعره كل يوم في تويتر، وليس هناك مقاومة حقيقة لنشاطات المؤدلجين النشطين في تويتر لتجزئة المجتمع لمجموعات دينية سياسية، وليس هناك نشاطات توعوية لعموم المجتمع لما يحدث من استقطاب في تويتر بين فريق وفريق آخر.

يعتبر المجتمع السعودي هو المجتمع الأكثر حضوراً في شبكة (تويتر) الاجتماعية من حيث نسبة عدد المشتركين لعدد السكان، حتى أن مجتمعنا بات يفوق المجتمع الأمريكي في هذا التصنيف، ومعظم ما يدور في تويتر بين فئات المشتركين السعوديين هو هذا التنافس والتغالب في الفروق المذهبية والتوجهات الدينية السياسية والجدال حول مستقبل الأمة السياسي والحضاري، فإلى متى ننتظر حتى تنفجر القنبلة التويترية التي يصنعها المؤدلجون كل يوم، اليوم أعتقد أنه بات من أساسيات الأمن الوطني أن يوجد شبكة وطنية للتفاعل الاجتماعي بديلة عن تويتر وأن نقتدي بما فعلت الصين حيث حظرت استخدام تويتر وأوجدت بديلاً صينياً عنها، لأنها استشعرت الخطر من شبكة لا تستطيع التحكم بها.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب