Tuesday 08/07/2014 Issue 15258 الثلاثاء 10 رمضان 1435 العدد
08-07-2014

شبابنا « فاعل أم مفعول به .. ضحايا أم مضحون»

في خواتيم الفصل الدراسي الماضي وعلى وجه التحديد يوم الأربعاء 17-5-1435 للهجرة، زار جامعة حائل معالي الشيخ الأستاذ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد وابتدأ لقاءه بمنسوبي الجامعة وطلابها فيما همّ به من الحديث عن «الشباب هل هم ضحية؟!» والذي انصرف عنه في آخر لحظة إلى موضوع يعتقد أنه أهم وله صلة قوية بهذا الموضوع ألا وهو «بناء الشخصية».

عاد هذا السؤال إلى ذهني «الشباب .. هل هم الضحية؟!» وأنا أتفرّس في وجوه الشباب المنتمين إلى الجماعات الإرهابية «الفئة الضالة»، الذين أقدموا على فعلهم المشين في منفذ الوديعة ثم داخل مدينة شرورة، وقتلهم في نهار شهر رمضان الكريم بل في يوم مبارك «يوم الجمعة» والناس تصلي في بيوت الله رجال أمن وحراس وطن وحماة عقيدة!!؟؟

بصدق تعجبت أشد العجب كيف وصل بهم الحال وهم بهذه السن إلى هذا المستوى من السلوك الغريب والتصرف العجيب والمستنكر، الذي لا يقرّه دين ولا يجيزه عقل، ولا يتوافق مع الفطر البشرية التي جبلت على الدين الحق.

من المسئول.. أين الأُسرة.. المدرسة.. الحي.. المدينة.... والسلسلة تطول وعلامات الاستفهام تكثر.. نعم الكل تقع عليه مسئولية تعظم وتتقازم حسب مكانه في منظومة الرعاية التي حدد دوائرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله (كلكم راع وكل ٌ مسئول عن رعيته فالرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها).

لقد شهدت المملكة العربية السعودية ولله الحمد والمنة طفرات اقتصادية ثلاث، ولم يتواكب مع هذه الطفرات التي نعيش ثالثتها طفرة اجتماعية مماثلة، ولم يصاحبها وعي ثقافي مجتمعي ناضج، ولذلك خُدع البعض من شبابنا بالبريق وأغراهم الخطيب المفوه، فحراك المشاعر واستثار الهمم وحفز الجموع، وكانت النتيجة المرة التي إذا لم تقيد برسن الحكمة الذي يمسك بزمامه الكبار العقلاء من العلماء والمفكرين والتربويين والإعلاميين والاجتماعيين، فستكون لا سمح الله النتائج مرة.

لا يكفي مع احترامي الشديد لهيئة كبار العلماء الانبراء للفتوى عبر وسائل الإعلام المختلفة، وبحث القضايا الفقهية المستجدة، والاجتهاد في إنزال الأحكام الشرعية على الواقع المعاش، مع أهميته، بل عليهم مجالسة الشباب والالتقاء بهم والتحبب إليهم ومناصحتهم وبيان ما التبس عليهم وإعادة من ضل منهم لجادة الحق، وتحذيرهم من أنصاف العلماء الذين يضلون الناس.

إننا في مرحلة خطرة يجب أن يعود الآباء إلى بيوتهم ويتعرفوا على سلوك أبنائهم ويعرفوا أصدقاءهم وجلساءهم، ويستمعوا منهم وينصتوا لما يقولون، ثم يوجهوا بوصلة حياتهم بحكمة ودراية تصلح ولا تفسد تنفع ولا تضر، أما ترك الحبل على الغارب والاكتفاء بالرعاية المادية، فهذا سبب من أسباب وقوع هؤلاء الصغار في براثن الضلال وسلوكهم طرق التيه والفساد، وربما باسم الإصلاح ومن أجل الخير، كما غذيت به عقولهم، في غياب حقيقي للبيت الذي يُعَد المحضن الأساس للبناء التربوي الصحيح.

طبعاً هذا الإسقاط لا يعفي الشباب الذي حاد عن جادة الصواب وأخذ بمنهج الخوارج الضال من المسئولية المباشرة عن صنيعهم، فهم ممن عاش في ديار التوحيد وعرف الحقوق والواجبات وربما درس في مدارس التحفيظ والمعاهد العلمية، فلماذا هذا النزوع نحو منهج الخوارج الذي شتت الأمة في خير القرون، فكيف بهذه المرحلة من التاريخ الذي تعيش فيه أمة الإسلام حالة من التشتت والتشرذم والتخلف.

إنّ نصر الدين ليس هذا هو طريقه، بل ينصر الدين بتعزيز وجوده سلوكاً معاشاً وتقوية فاعلية رموزه في حياة الناس، سواء أكانوا علماء ربانيين أو ملوكاً وأمراء سياسيين، طاعتهم دين والسمع لهم حق مبين ولزوم جماعة المسلمين أصل من أصول الدين .

حرس الله بلادنا وحمى حدودنا وحفظ ولاة أمرنا ووقانا جميعاً شر الفتن ما ظهر منها وما بطن وهدى شبابنا جادة الحق المبين ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب