Saturday 12/07/2014 Issue 15262 السبت 14 رمضان 1435 العدد
12-07-2014

الأرملة وجواز السفر!

أتفهم جيدًا فكرة الأنظمة والقوانين التي تمنع حق المرأة في استخراج أو تجديد جواز السفر، ولا أتفق معها مُطلقًا، ولست هنا في وارد الحديث عن هذه التفاصيل التي سبق وذكرتها في عددٍ ليس بقليل في مقالات سابقة، لكنني اليوم أردت أن أتوقف -تحديدًا- عند المرأة الأرملة التي توفي عنها وليّ أمرها، وعليها أن تبحث عن ولي أمر بديل وإن كان ولدها الصغير، وقد تكون حالة الأرملة التي لديها أولاد «ذكور» أهون بكثير ممن لم تنجب ذكورًا، فعليها أن تطوف سعيًا للبحث عن وليّ أمر حتى وإن وجدته نظير مبلغ مادي، أو استغلال مستمر عند إصدار الجواز وعند تجديده وعند السفر، وأعرف نساء أرامل ومطلقات يعيش أولياء أمورهن على ما يتم جنيه من استغلال مادي، بل إن -بعض- هؤلاء يطلب نظير موافقته على كل رحلة لها إلى خارج البلاد مبلغا وقدره!

من الرسائل التي تصلني من قارئاتي الأرامل، أختار ما يتناسب مع مقالي اليوم وهي رسالة من السيدة رقية، تقول فيها:

«أنا أرملة أبلغ الثالثة والأربعين من عمري، ولي ثلاثة أبناء في الجامعة وابنتين في المرحلة المتوسطة، تخيلي عند ذهابي لاستخراج جواز سفر تم رفض طلبي لعدم وجود موافقة من ولي أمري، المشكلة أنا لا أعلم من هو ولي أمري فزوجي متوفى، وعندما شرحت وضعي للموظف، أبلغني بأنه علي الذهاب إلى المحكمة وتوكيل أحد أبنائي ليكون ولي أمري وصاحب الحق في الموافقة على السفر والمنع».. على ما يبدو لي أن السيدة رقية فوجئت بهذه الأنظمة، حيث تكمل رسالتها قائلة:

«الغريب أن الأم يكون ولي أمرها ابنها! وكأنها لا تعرف كيف تدير أمورها ولا تملك الأهلية لذلك، أين المنطق في هذا التعقيد والتهميش لحق المرأة؟ المشكلة بناتي يلحون عليّ بالسفر للترفيه وكسر الروتين والتغيير مثلهن مثل كل الناس، ولم يقتنعن بالأسباب التي ذكرتها بل لم يصدقنها، فأنا لم ترضَ نفسي أن أجعل ابني الذي ولدته وربيته وعلمته وجعلت منه رجلاً يخدم وطنه أن يكون ولي أمري خاصة وأنا بكامل قواي العقلية والبدنية»..

انتهت رسالة رقية، ولم تنتهِ مأساة المرأة، فزبدة الكلام في المقطع الأخير من الرسالة، إذ أن المسألة هي مبدأ، وإلا فبإمكانها أن تذهب إلى المحكمة وتكتب وكالة لأحد أبنائها لكنه أمر يعز عليها أن يملك هذه الوكالة من رضع حليبه من ثديها، ليكون الآمر الناهي ولو بالأوراق الرسمية، وهنا أكرر، متى تضع القوانين للمرأة سنًا للتمييز؟.

متى تتجاوز هذا الشكل الذي يُلغي كرامة الأم ويهين الأخت ويقلل من المرأة؟.

لن أحلم وأتخيّل أن تُمنح المرأة سن التمييز المتعارف عليه في كل دول العالم وهو 21 عامًا، ليتنا نحصل على سن التمييز ولو بعد الأربعين!

www.salmogren.net

مقالات أخرى للكاتب