Thursday 17/07/2014 Issue 15267 الخميس 19 رمضان 1435 العدد
17-07-2014

اختطاف ويكيبيديا من قبل الجماعات المتطرفة في المنطقة

كتبت قبل حوالي خمس سنوات عن ويكيبيديا موضحا أنها من أشهر الموسوعات التي يتداولها جميع الناس ومن مختلف لغات العالم (وبحوالي ثلاثمائة لغة)، فموسوعة ويكيبيديا wikipedia هي موسوعة مفتوحة وحرة ومتنوعة وجذابة وسهلة الاستخدام وتوجد على الشبكة العنكبوتية،

وتتبع مؤسسة ويكيميديا wikimedia التي تأسست عام 2003م ويقع مقرها في مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعتبر الموسوعة من أشهر أعمالها التي تهدف إلى خدمة العلوم والثقافة.

والويكي -الذي أخذت منه الموسوعة اسمها- هو أحد أنظمة إدارة محتويات المواقع في الإنترنت، التي تتميز بفرصة إتاحة المجال لأي شخص تعديل أي صفحة في الموقع. ويستعمل هذا النظام في المواقع التي تتطلب عملا جماعيا من عدد كبير جدا من المشاركين. وأصل كلمة ويكيبيديا من جزأين، أولهما ويكي وتعني في لغة جزر هاواي (السرعة) وهو مصدر لكلمة ويكي التي تعني نظاما حاسوبيا مشتركا بين مجموعة كبيرة من المستخدمين، ثم من كلمة إنسيكلوبيديا وتعني الموسوعة.. وأصبح اسمها ويكيبيديا.

ومنذ أن كان يجري وارد كوننجهام (مؤسس ويكيبيديا) تجاربه الأولى على تطبيقات الويكيبيديا منتصف التسعينيات الميلادية وهو يسعى إلى تقديم نماذج جديدة لمفهوم موسوعة مفتوحة للناس، ويشترك فيها أربعة عناصر بشرية هي المؤلف الذي يكتب النص الأصلي، والمحرر الذي يحرر ويضيف ويعدل، ثم مدير فني ومدير نظام، وجميع هؤلاء أساسيون ولكن يضاف لهم مراجعون ومدققون وغيرهم ممن يعملون على تطوير المادة المعلوماتية لتصبح جاهزة للناس وفي متناولهم عن أي موضوع من الموضوعات.

وتعتبر اللغة العربية ضعيفة في عدد المواد حيث لم تصل إلى ثلاثمائة ألف مادة رغم وجود أكثر من ثلاثمائة مليون عربي، بينما لغات أخرى تزيد موادها على مليون مادة رغم أن عدد المتحدثين بتلك اللغة لا يزيد على عشرات الملايين، وهذا نتيجة الاهتمام بالترجمة من اللغة الإنجليزية ولغات أخرى إلى لغاتهم الأصلية. وإذا نظرنا إلى المحتوى العربي وخاصة المحتوى السياسي سنجد أن هناك جماعات سياسية يغلب عليها التطرف هي التي اختطفت المحتوى السياسي في ويكيبيديا. فهناك موضوعات سياسية وأحداث عامة في المنطقة تم تشكيلها أو إعادة تشكيلها من قبل تلك الجماعات لتواكب وجهات نظرهم وتتفق مع أهدافهم السياسية.

إن خطورة ويكيبيديا تكمن في أنها تفرض المعلومة على الناس وتفرض وجهات نظر سياسية على العالم دون أن يدري أحد، فمن المعروف أن جماعات مثل الحوثيين وحزب الله وإيران هي التي تهيمن على المحتوى السياسي لويكيبيديا وخاصة في تلك الموضوعات والقضايا التي لهم علاقة بها، وأصبحت وجهات نظرهم هي المهيمنة على تلك المحتويات نتيجة استثمار تلك الجماعات لعناصر فاعلة في تأليف وتحرير موضوعات المنطقة السياسية، بينما باقي الأنظمة السياسية العربية تقف دون أي تأثير على مسار القضايا السياسية في المنطقة.

إذا أردنا باختصار توضيح كيفية بناء المادة في ويكيبيديا فهي تعتمد على المصادر، فكلما كانت المادة معتمدة على مصدر أياً كان هذا المصدر فإن فرصها في النشر والاستمرار في البقاء أعلى من أي معلومات تأتي بدون مصادر. وجماعات حزب الله والحوثيين وإيران ومن يساندهم تتوافر لهم مصادر كثيرة رغم أن الكثير منها يعتبر غامضا أو ربما من تسريبات ويكيليكس أو من مصادر غير موضوعية، ولكن يتم الاستفادة منها في بناء مادة عن حدث أو شخصية أو مؤسسة أو دولة بتوظيف تلك المصادر للتشكيك في مواقف سياسية أو التأثير على مجريات أحداث.

ومن الواضح أن هناك توظيفا رسميا لعناصر بشرية مخصصة لدعم المحتوى السياسي لمساندة مواقف تلك الجماعات المتطرفة.

وقد علمت أن بعض تخصصات الترجمة في إحدى الجامعات العربية قد اتجهت إلى إعداد طلابها وطالباتها إلى الترجمة من خلال ويكيبيديا لتجهيز هؤلاء الخريجين للعمل في مجال ويكيبيديا، وهذه خطوة مهمة لإمكانية توظيف كوادر بشرية مؤهلة للعمل في هذا المجال الوطني المهم. وما نحتاج إليه في المملكة ومنطقة الخليج والعالم العربي هو الالتفات إلى موسوعة ويكيبيديا لأن بعضا أو ربما كثيرا من قضايانا الوطنية والقومية قد تم اختطافها من قبل جماعات متطرفة بهدف التشويش على الرأي العام ومن أجل تضليل الناس في قضاياهم وتوجهاتهم.

والخطورة تكمن في أن الجيل الجديد من شبابنا الذي يعتمد على مثل هذه المصادر الإلكترونية قد يصحو يوما عن قريب ويبدأ في التشكيك في قضايا وطنية أو قومية، وربما مصداقية شخصيات ومؤسسات ودول تصبح تحت المحك نتيجة هكذا محتوى يواجه هذا الجيل. وما نتمناه هو الوقوف جدياً لدعم المحتوى السياسي وغيره من المحتويات العلمية والثقافية والاجتماعية عبر دعم جيل واع يساند قضايا الوطن والأمة، وبنفس الأهمية نحتاج إلى توفير مصادر معلوماتية تخدم تلك الموضوعات والقضايا.

alkarni@ksu.edu.sa

رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال.. رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد

مقالات أخرى للكاتب