Tuesday 22/07/2014 Issue 15272 الثلاثاء 24 رمضان 1435 العدد
22-07-2014

أيتام مركز الدكتور ناصر الرشيد «رواداً للمستقبل»

كُثر هم أولئك الذين لم يذوقوا حلاوة العطاء، ولم يستشعروا معنى النماء والزيادة في النفس والمال والولد جراء الإنفاق في سٌبل الخير.. لا يعرفون أصلاً مصطلح «البركة»، ولا وجود له في قاموسهم المالي فضلاً عن الزماني والمكاني والنفسي والأسري و... لم يقرضوا الله قرضاً حسناً يوماً ما.. ولم تخالط نفوسهم لذة المواساة للفقير والمسكين، ولم تمسح يد أحدهم على رأس اليتيم.. كثيرون من أهل الدثور ما زال استثمارهم في حدود عالم الأرض، ينتقلون من بلد لآخر بحثاً عن زيادة الرصيد في حساباتهم الجارية والاستثمارية الداخلية والخارجية، ولم يكتشفوا بعد أن هناك نوعاً آخر من الاستثمار : مقره عالم السماء، ومدته لا نهاية لها ، ومضمون الربح بقرار من الرب سبحانه وتعالى (الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف»... والله يضاعف لمن يشاء»).

معالي الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد وفّقه الله عزّ وجلّ وأعانه، فانتصر على نفسه وطّوعها، ورزقه سبحانه اكتشاف العالم الأخروي كما هو في كتاب الله الكريم والسنّة النبوية المطهّرة ، فبدأ الاستثمار هناك منذ زمن ليس بالقصير.. شيّد قصوراً تجاوزت المائة فـ(مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ). رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وفي الصحيحين أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ.

قال النووي في بيان عظمة هذا الثواب: يَحْتَمِل قَوْله: مِثْله، أَمْرَيْنِ: أَحَدهمَا: أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ: بَنَى اللَّه تَعَالَى لَهُ مِثْله فِي مُسَمّى الْبَيْت, وَأَمّا صِفَته فِي السَّعَة وَغَيْرهَا فَمَعْلُوم فَضْلهَا أَنّهَا مِمّا لَا عَيْن رَأَتْ وَلَا أُذُن سَمِعْت وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر. الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ فَضْله عَلَى بُيُوت الْجنّة كَفَضْلِ الْمَسْجِد عَلَى بُيُوت الدُّنْيَا. انتهى.

ولم يقف الدكتور الرشيد عند هذا فحسب، بل أراد أن يكون هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة كهاتين ، فكفل الأيتام ، وبنى لهم داراً على أحدث طراز، وتعهّدهم بالرعاية والمساندة والتحفيز والتشجيع جنباً إلى جنب مع وزارة الشئون الاجتماعية التي تقوم بدور رائد وبنّاء في كل ما من شأنه تعزيز فاعلية المهمشين والوفاء بحاجة المعوزين.

لقد شرُفتُ بدعوة كريمة من قِبل معالي مدير جامعة حائل لحضور حفل العشاء الذي أقامه للأيتام في مركز الدكتور ناصر الرشيد لرعاية الأيتام مساء يوم الأربعاء الماضي ، وحضره جمع من أصحاب الفضيلة والسعادة المسئولين والمهتمين بالشأن الاجتماعي في المنطقة ، وسرّني مثل غيري ما رأيت في الزيارة الميدانية وخلال استعراض الأنشطة المختلفة التي أقامها المركز خلال العام الماضي - والتي تم عرضها ضمن فقرات الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة - فهي جهود تذكر فتشكر للإخوة الأعزاء القائمين على شأن هذه الفئة الغالية التي هم أمانة في أعناق الجميع.

* كانت ليلية رمضانية مميزة بحق أبدع فيها هؤلاء الصغار الذين عبروا عن سعادتهم بهذه الزيارة كلٌ بطريقته الخاصة ، وشاركوا الزائرين عشاءهم ، ودارت بين بعضهم البعض أحاديث وحكايات.

* استوقفتني عبارة قالها من أنابه الأيتام ليلقي الكلمة عنهم، إذ جاء في ثنايا ما قال (.... فنحن - كما جاء على لسانه - نرقب الباب ننتظر أن يفتح لنحظى بزيارة من أمثالكم ).

* من جهة ثانية حمل المشرفون والإداريون في المركز مسئولية المشاركة في بذل ما في الوسع إزاء هذه الفئة التي لا ذنب لها ولا جريرة الجميع «النفسيون والتربويون والاجتماعيون والشرعيون و....» فرعايتهم هي في الأساس واجب ديني كما أنها واجب وطني وإنساني، ولذا كان شأن رعاية اليتيم في الإسلام عظيماً، بل مجرد مسح أحدنا على رأس واحد منهم فيه ثواب كبير، ولذا كان فريق « نحن معاً» التطوعي الذي شرف برعاية كريمة من سمو أمير المنطقة وكان ميلاده قبل خمسة أشهر تقريباً.

* تَوج هذا اللقاء الرمضاني المميز معالي مدير جامعة حائل بإعلانه تبني المبرزين من قاطني المركز في برامج كرسي الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد لروّاد المستقبل التدريبية، التي تهتم ببناء القيادات وصناعتهم ورعايتهم وتدريبهم والاحتفاء بهم.

* أخي الكريم.. سيأتي اليوم الذي يكون فيه هؤلاء الأيتام ضمن منظومة قادة المستقبل ، ولن ينسوا كل من وقف معهم وساندهم على تجاوز محنتهم، وأشعرهم بقيمتهم ، ودعمهم مادياً ومعنوياً، وسعى للتخفيف عنهم ومواساتهم والمشاركة في تربيتهم وتثقيفهم وتدريبهم وإعدادهم لمعترك الحياة وهم يتمتعون بالثقة وينعمون بالتفاؤل ، ويجاهدون من أجل بصمة لهم في جبين الزمن.. شكراً من الأعماق لكل من كان أو سيكون صديقاً للمهمشين والمعوزين، والشكر كل الشكر لمن بذل نفسه أو ماله أو جاهه من أجل الخير وفي سبيل الخير ، والحمد لله على نعمة الإسلام والأمن والأمان ، وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب