12-08-2014

لنفهم أمريكا أولاً

السياسـة الأمريكية حاضرة بقوة في مشكلات الشرق الأوسط، ولولا حضورها لاحترقت الأرض، فليست أكثر شراسة من بعضنا لبعض، وليست أكثر كرها منا لبعضنا البعض، وليس ثمة داع للدخول في مزايدات عاطفية حول حب وكره أمريكا.

دعونا أولاً نفهم أمريكا، ثم نحكم، وذلك من خلال سياساتها الأخيرة بشأن بؤر الصراع العربية:

أسقطوا صدام حسين بمساندة المجتمع الدولي ورضى عربي وعراقي، وتحقق هدفان تجنب مجزرة خليجية وحصول أمريكا وحلفائها على عوائد بترولية ضخمة، وتركوا العراق يقرر مصيره ففشلت الحكومية العراقية فشلا ذريعا.

أسقطت أمريكا القذافي بمساندة المجتمع الدولي ورضى عربي وليبي، وتحقق هدفان : تجنب مجزرة كان القذافي مستعدا لها، وحصول أمريكا وحلفائها على عوائد بترولية ضخمة وتركوا ليبيا تقرر مصيرها وما زال الصراع في أراضيها محتدما بسبب أهلها.

دعمت أمريكا إخوان مصر، وعندما سقطوا فتحت قناة جديدة مع السيسي، وفي كلا السياستين هي الحصان الرابح.

الآن تقصف أمريكا (داعش) جويا قصفا محدودا، حماية لمصالحها في أربيل وتؤكد ذلك بوضوح، حتى لا يفهم العراقيون أنها تحارب بالنيابة عنهم، وتؤكد باستمرار أنها لن تكون سلاح الجو لشيعة العراق، ولا لأي فصيل آخر، ولا حتى لحكومة المالكي ذاته، وتؤكد على ضرورة أن يجد العراقيون لأنفسهم مخرجا توافقيا لأزمتهم.

من خلال هذه (البانوراما) السريعة تتضح سياسة أمريكا - في تقديري - حسب الآتي:

* أنها لا تتدخل في التفاصيل.

* إذا اتفق الأعراب فيما بينهم لا مجال لتدخل أمريكا.

* أنها تفكر تفكيرا اقتصاديا بحتا وليس سياسيا ولا دينيا، ومن يستوعب ذلك يكسب معها.

* لا تتحرك عسكريا إلا بغطاء دولي ورضى محلي ينتج عنه عوائد اقتصادية لها ولحلفائها.

* لا تفكر (طائفيا) ولا تذكي الحزبية، بقدر ما يؤججها أهلها.

* لا تتدخل أمريكا في سياسة الدول المسالمة، مثل: تشيلي، وإندونيسيا.

* تحركاتها استراتيجية، بطيئة، تتلف الأعصاب، ولكنها أكيدة المفعول باتجاه مصالحها الاقتصادية.

إذا فهمنا كيف تفكر أمريكا، استطعنا أن نتجنب ضغوطها وتدخلاتها وطائراتها، واستطعنا أن نتماهى معها اقتصاديا باعتبارها تقود الاقتصاد العالمي، وهي لا تستطيع أن تأتي من الباب الخلفي، طالما أنه مغلق بإحكام من أهل البلد، وإذا ما وجدته مغلقا ذهبت وتركته، ومصر السيسي نموذجا.

nlp1975@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب