16-08-2014

مصيف الهدا المشوه!

وأنا أضع قدمي في مصيف الهدا السياحي بمحافظة الطائف للإقامة بضعة أيام بصحبة العائلة تداعت إلى مخيلتي صور تلك الشوارع الطويلة في مدن ومناطق سياحية آسيوية وأوربية، وعلى جنباتها المزينة بالورود والزنابق والأزهار الجميلة تطل المقاهي والمطاعم الباذخة وهي تنادي بشغف كل المارين. الطريق المرصوف أمامها وبدقة متناهية، والأثاث الفاخر داخلها وكأنه مغناطيس يجذب السياح صور آسرة أصابت رأسي بالدوار وأنا أستفيق لعلي ألمح شيئاً من البهاء فيما حولي في مصيف الهدا ذي المناخ الجميل فلا أجد إلا تلك الشوارع بأرصفتها المتكسرة والمليئة بالأوساخ، وفي أجزاء منها حولت لمواقف للسيارات لا تستطيع أن تمشي عليها ولو خمسة أمتار، وأجزاء أخرى وخاصة تحت الأشجار صارت ملاذاً للعائلات والشباب من قاصدي الهدا، ولأنهم لم يجدوا سكناً أو لأنهم لا يقدرون على الدفع للغلاء الفاحش فقد حولوا سياحتهم قسراً للأرصفة يفرشون سجادهم ويطبخون ويشوون ويأكلون ويشربون ويسهرون وفي نهاية السهرة يغادرون.

صور محبطة في بقعة رائعة بمناخها المعتدل كان بالإمكان أن تكون أفضل مما هي عليه الآن، لكن للأسف الوضع يتحول للأسوأ، فمن المسؤول عن تشويه الهدا ووضع خدماتها السياحية في الحضيض؟

بلد البرشومي والعنب والرمان والورد الطائفي، والضباب الكثيف الذي يغطي قمم جبالها في أعالي جبال السروات من شوهها وحولها لهذا الوضع؟ أين جهود أمانة الطائف في تنظيف الهدا من ركام المخلفات والأوساخ والأعشاب اليابسة، وأين مشروعات زراعة الشوارع وصيانة الأرصفة، وإصلاح الشوارع العتيقة، وأين اللمسات الجمالية مثل الحدائق والنوافير والمسطحات الخضراء، ولماذا لا يتم الترخيص للمطاعم والمقاهي المتميزة القادرة على تقديم خدمات أكثر جودة، وأين اللوحات التذكارية والمجسمات التي تحول الهدا إلى مقصد سياحي ليس محلياً فقط وإنما إقليمي، وقد نبالغ فنقول عالمي ولِمَ لا؟ هل نحن غير قادرين على تحويل تلك البقعة بمقدراتها الطبيعية إلى منطقة أكثر جذباً؟ أغلب السياح يا جماعة الخير يدفعون لكنهم يريدون مقابلاً أكثر جودة، وقضاء أوقات ماتعة، ألا نملك القدرة على تحويل وجهة معظم السياح للهدا وغيرها من البقع السياحية على امتداد رقعة الوطن؟. أعتقد أن الإمكانات موجودة والقدرات كذلك لكن للأسف العمل الجاد غائب إلا من مشروع التلفريك وبعض الفنادق والمنتجعات باهظة الأثمان. السكن المناسب نظافة وتأثيثاً مرتفع الثمن، والبقية دون المستوى!

الوضع الحالي لا يرضي الكثيرين من السياح القادمين للهدا. بودي أن أسأل كيف تم الترخيص لمطاعم ومقاهي بمستويات متدنية جداً من الجودة والخدمة، أين نحن من صناعة السياحة بتحويل الهدا لوجهة سياحية نفاخر بها؟

أركب سيارتك وقم بجولة على أرجاء الهدا وخذ ورقة وقلماً وسجل ما شئت من الملاحظات بعد نهاية الجولة. ستكتشف أنك قد كتبت عشرات الملاحظات. ملاحظات لا أظن المسئولين لا يعرفونها لكني لا أدري ما سبب غيابهم عن التطوير. الهدا في موقع جغرافي إستراتيجي في ملتقى الطرق بين مكة المكرمة وجدة والطائف، وفي طريق القادمين من الشرقية والرياض والقصيم والمدينة المنورة وشمال المملكة ودول الخليج، ومن المتوقع أن تحظى سنوياً بآلاف السواح ما يجعل أي مشروعات تقام فيها ذات جدوى اقتصادية مرتفعة، فمتى تحول إلى منطقة سياحية ذات خدمات عالية الجودة؟

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب