23-08-2014

سواليف مجالس !

رغم حرصي على أن أغشى فقط المجالس التي أستفيد من فكر وطرح من يرتادها أو التي أتعرف فيها على وجوه جديدة، أو مجالس الأقارب والأصدقاء بحكم ما تفرضه علي الواجبات الاجتماعية، إلا أني أجد نفسي مجبرا في بعض الأحيان على التواجد في مجالس أكثر ما يطرح ويتداول فيها من كلام وسواليف ما هو إلا غثاء كغثاء السيل.

في هذه المجالس تفاجأ بالناقد لكل الأوضاع والساخط في كل الأحوال والناقم على كل الناس لا يرضيه شيء. لا يرى في المشهد الاجتماعي إلا الصور القاتمة. يركز على السلبيات فقط ويهمل الإيجابيات خاصة إذا كانت هذه الإيجابيات في أعمال ومشروعات الدولة، ترتفع وتيرة حديثه ونبرات صوته، تأخذ منحى الحدة لأن الأخ حسب مفهومه يرى أن هذا واجب مفروض لا منة فيه وحين تسأله لماذا؟ يبادرك يا أخي نحن دولة غنية جدا والمفروض أن ما تحقق أكثر بكثير مما تم إنجازه، وعندما تذكره بأن التقصير والخطأ جزء لا يتجزأ من العمل يثور في وجهك ويحذرك بأن تنتهج أسلوب الببغاوات فتردد ما تسمعه ثم يردف هذه العبارات سئمناها ومللنا من تكرارها. أمام مثل هذه الشخصية الفذة في كل شيء إلا العقلانية والموضوعية والتحليل المنطقي والمعرفة المؤصلة والمصداقية لا تملك في نهاية الأمر إلا أن تلوذ بالصمت لأنك في هذه اللحظة تكون قد توصلت إلى قناعة باستحالة الاستمرار في حوار غير مثمر مع شخصية مبرمجة من نوعية شخصيات «أبو العريف» الذي يرى أنه يعرف كل شيء رغم أنه لا يعرف أي شيء. ينتقد أنظمة المرور، رغم أنه أول من يكسر هذه الأنظمة. ينتقد الواسطة ولا يتورع عند الحاجة عن اللجوء لمن يعرف أحد ليتوسط له لينجز أعماله وهو بهذا العمل كمن شجع على الواسطة ثم ذهبلينتقدها عندما لا تخدمه الظروف. نقده يكون حسب مصلحته أن أعطي منها رضي، وإن منع سخط وأزبد وأرعد.

هذه الأيام عندما ترتاد هذه المجالس قسرا سيصاب رأسك بالدوار من التحليلات الاجتماعية والاقتصادية وكل ما يخطر وما لا يخطر على بالك، ولأن الأحوال السياسية حولنا سواء في بعض دول الجوار العربي أو ما يحدث من بعض الجماعات الدموية فإن الكثيرين في مجالس «أبو العريف» حولوا البوصلة لتحليل هذه الأوضاع وفق رؤيتهم الخاصة التي تكون عادة متأثرة بالتأييد الضمني لتلك الجماعة أو العصابة الإرهابية وما عليك في النهاية إلا القبول بتلك التحليلات «الحلمنتيشية « أو الصمت المطبق أو اتخاذ قرار عاجل بالاستئذان والمغادرة لأنك لن تتحمل مواصلة الاستماع لتحليلات خرقاء هي نتاج ثقافة أحادية ضحلة مصدرها قناة فضائية مؤدلجة، أو مواقع مشبوهة في الإنترنت، أو أحاديث لدعاة فتنة دأبوا على التحريض والتجييش لأحقاد دفينة وأهواء مريضة في نفوسهم.

الأحاديث في هذه المجالس تأخذ طابع الجدل العقيم ورفع الصوت إلى أقصى درجة، ومن يملك حنجرة قوية وقدرات خارقة في الجدل مع وجود مؤيدين له في المجلس هو الكاسب، أما من يدخل في هذه الدائرة برغبته أو يجر إليها رغما عنه فهو الخاسر في كل الأحوال.

سواليف مجالس لكن تأثيرها عميق للأسف على فئات الشباب والبسطاء حين يتصورن أن جميع ما يردده هؤلاء «الجهلة» هو الصواب بعينه!

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب