28-08-2014

كيف يمكن تحسين مدارس المناطق الريفية في المملكة؟

هي أيام معدودة وتنتهي الحفلة الطويلة التي بدأها طلابنا قبل حوالي ثلاثة أشهر (أكثر أو أقل بقليل) ليبدأ عام جديد نعقد عليه آمالا واسعة بعد التحولات الكبيرة التي يشهدها المناخ العام في المملكة وخاصة ما له علاقة بالتربية والتعليم من خلال منح الوزارة مخصصات مالية ضخمة تحت قيادة وزيرها الجديد الأمير خالد الفيصل الذي عركته تجارب البناء والتغيير من خلال معاركه التنموية السابقة التي تولي زمامها في كل من أبها ومكة المكرمة مع فريقه المتحمس الذي يقود الوزارة.

سنتوقع الكثير ليس فقط لأننا مستاءون كأهالي من الحال الذي وصل له تعليمنا سواء في القطاع الخاص أو العام بل لأننا نؤمن أن هناك توجها حقيقيا يقود الوزارة في الوقت الحاضر ويجعل أمامها مهمة وطنية باسلة وهي بناء التعليم من جذوره لكن إذا كان هذا حالنا نحن في المدن الرئيسية مثل الرياض وجدة والخبر حيث يعيش معظم المتنفذين وأبنائهم وهم من يصنع القرارات التي يلمسون آثارها مباشرة على أبنائهم فما هو إذن حال من يعيش في المدن والقرى النائية التي تعاني كثيرا من نوع ومستوى الخدمات التعليمية المقدمة فيها سواء تعلق الأمر بمستوى المعلمين والمعلمات الذين يتم تعيينهم عادة بالرغم منهم فيمضون معظم وقتهم بين الغياب والأعذار الطبية أو التنقل جيئة وذهابا إلى المدن التي يقطنون فيها حتى يهيئ الله لهم واسطة قوية تتكفل بنقلهم إلى مدنهم مخلفين وراءهم سنين من الضياع في المادة العلمية والأيام الدراسية لطلابهم.. هذا عدا عن الإدارات الضعيفة والمباني المتهالكة وضعف البنية التكنولوجية وسيطرة التيارات المتطرفة على المناخ العام للمدارس وعلى ما تفعله من أنشطة.

مدارس المناطق الريفية والنائية أولوية لم نتحدث عنها كثيرا للأسف في أدبياتنا التربوية ولا احد يعرف على وجه الدقة المستوى الفعلي للمفاهيم العلمية والرياضة لطلابها ولا مستوياتهم في اللغة تحدثا وكتابة ولا أين يقبلون بعد تخرجهم من الثانوية ونوع التخصصات التي يقبلون فيها ولا في مستوى علاقة المدرسة كمؤسسة تربوية بما يحيط بها من مجتمع محلي هو أحوج ما يكون لخدمات هذه المدارس للرفع من شأنه وتوفير بعض النور والبدائل للأهالي والطلاب من خلال ما يمكن أن يقدم من محاضرات أو أنشطة رياضية ومسرحية الخ.

للأسف فلا أملك بيانات دقيقة عن حال هذه المدارس لكنها بحاجة إلى نظرة عاجلة ودراسة سريعة فقط للتأكد من المعضلات التي نعرفها ونحسها جميعا فما ذا يمكن لنا عمله؟

- تغيير اتجاهات صانعي القرار في المدن الرئيسية لاعطاء أهمية أكبر لأبناء المناطق.. الناس كلها يجب أن تكون مهمة وتقدم لها خدمات عامة مثل التعليم والطب على قدم سواء ( بالطبع فهذا كلام افتراضي ولا علاقة له بأرض الواقع.. فأنت تنال الخدمات بحسب ما تحظى به من موقع رسمي ومالي ونفوذ مع أصحاب القرار وهنا تكون المعضلة). يجب أن نشعر أن طفل قرية جبلية في الجنوب لا يقل ذكاء ولا أهمية إنسانية عن طفل المدينة (وابن الذوات)!

- القيام بدراسات استطلاعية متعددة بعضها للتشخيص والبعض الآخر طويل الأجل لمتابعة آثار التغييرات التي ستحدثها الوزارة في عهدها الجديد.

- إعطاء صلاحيات إدارية أكبر لمديري المناطق ومديري المدارس فأحد أكبر المعضلات التي تعتقل المملكة العربية السعودية كبلد وتضيع جهودها هو هذه البيروقراطية القاتلة التي تتفشى في كل القطاعات وخاصة التعليم.

- اختيار قيادات جيدة بمعايير تبتعد عن المناطقية والقبلية أو الأيدلوجية فلا يهم من تكون أو ما تؤمن به... يهمنا حقائق بسيطة: المدير الجيد (كريف) يعطي كامل وقته وجهده لمدرسته ويعتبرها بيته الأساسي.. المدير الجيد هو من يستطيع بعث الروح الايجابية والحماس في مجموعته لأن الإدارة الحقيقية ليست مراقبة الدوام فقط بل الأهم هو تجميع جهود من حولك لتحقيق أهداف المؤسسة.

-الفريق الناجح لا يبدأ بما ليس عنده.. فكرة النجاح ليس بما تملك بل كيف تبدأ بما عندك وتحوله بممارساتك المخلصة والايجابية إلى عمل يخدم المؤسسة.. وستجد دائما حولك من يثبطك ومن يشتكي ومن يحاسبك كتوجه الخ من الصغائر.. الناجحون في العادة لا يقفون أمام صغائر الأمور كما أن لديهم قلبا كبيرا يساعدهم على تجاوزها. مدارس المناطق ربما تكون فقيرة في إمكاناتها ومبانيها ولكنها غنية بطلابها ومن يعملون فيها من مبدعين. فلنفكر بما لدى هذه المدارس ونساعدها على الوقوف حتى يتم معالجة نواقصها.

مقالات أخرى للكاتب